في العمل الجنائي والقانوني يمكن للبعض إعاقة سير العدالة بطرق عديدة ومتنوعة، والأهم أنها قابلة للتطور. تسمى هذه الأفعال «جريمة إعاقة العدالة»، وللأسف لا يوجد نص قانوني بشأنها، حيث لا تزال ضمن جرائم التعزير المرسل، التي تضع النيابة العامة تكييفها، ويحدد القاضي عقوبتها إن رأى ذلك.

تحدث هذه الجريمة بصور عديدة، من أشهرها إقدام شخص على إعاقة سير البحث والتحري (الاستدلال) في جريمة معينة، أو القيام بإخفاء معلومات مهمة ذات علاقة بالتحقيق الجاري، أو إتلاف أو تشويه أو تزوير مستندات مهمة في التحقيقات أو في الإجراءات القضائية، أو العمل على التأثير في الشهود أو القضاة بإشاعة أخبار مغلوطة أو غير ذلك.

ومن صور إعاقة العدالة كذلك أن يستخدم موظف حكومي وظيفته في منع جهة التحقيق من مباشرة اختصاصها بحجج واهية، أو التدافع بالاختصاص النوعي (نوع القضية التي تقع ضمن اختصاص هذا الموظف)، أو الاختصاص المكاني (مكان ممارسة الاختصاص)، أو الزماني (أي لا يكون الموظف على رأس مهام عمله الوظيفي).

والقانون في هذه الحالة واضح، إذ تعد جريمة الموظف هنا جريمة ذات شقين، فهناك الشق الإداري كمخالفة إدارية، وهناك الشق الجنائي كجريمة تعيق التحقيقات.

نستنتج إذا أن إعاقة العدالة جريمة كاملة يظهر فيها الركن المادي (إعاقة التحقيق عبر مستندات أو رشاوى أو زرع أدلة.. إلخ)، والركن المعنوي (البينات والقرائن للفعل الجرمي)، والقصد الجنائي (النية في إعاقة العدالة)، حتى لو لم يتحقق القصد.

فنحن إذا أمام جريمة تستحق تشريعا قانونيا، للحد منها وملاحقة مرتكبيها.

ثمة تجارب عربية وعالمية بهذا الشأن، منها الأردن والولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، إذ تختلف التشريعات بين معاملتها كجناية أو جنحة.

ولا شك أن وضع قانون يصنف هذا الفعل، ويشرع له العقوبات، ضروري لمساعدة رجال التحقيق والقضاة، واختصار الوقت والجهود، وتحقيق العدالة الناجزة.