في تقرير عن الاقتصاد والمهارات أشارت منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي OECD إلى أن الدول ذات الدخل المرتفع ستشهد كمجموعة قيمة اقتصادية مضافة تعادل تقريباً خمسة أضعاف قيمة الناتج المحلي الإجمالي والحالي إذا مكنت جميع الطلاب من المهارات الأساسية وللتوضيح يقصد بالمهارات الأساسية المهارات الأولية في القراءة وفهم النصوص البسيطة وامتلاك المفاهيم والعمليات الرياضية العلمية الأساسية.

ما ذكرته OECD مؤشر يبعث على الارتياح خصوصا أننا في رؤية، وبحسب برنامج تنمية القدرات البشرية لا نستهدف فقط المهارات الأساسية، ولكن أيضاً المهارات المستقبلية والتي يوضحها البرنامج أنه يقصد بها الاستعداد لمهن المستقبل وتشمل مهارات التفكير العليا والمهارات العاطفية والاجتماعية والمهارات البدنية.

ويبدو أن برنامج تنمية القدرات البشرية مهتم بحقيقة أن المعلم هو العنصر الأهم الذي توفره الوزارة لتعزيز تعلم الطلاب، وبالتالي إكسابهم للمهارات، حيث أشار في تسعة مواضع إلى مساءلة المعلمين، وهو ما أكدته الأبحاث في الأداء التعليمي التي أشارت لأهمية توظيف المساءلة إذا استهدف النظام التعليمي تجويد عمل المعلمين وإصلاح التعليم بما يرقى لإصلاح الاقتصاد

من هذه التسعة مواضع ما جاء في مبادرة تابعة للمؤشر السابع حيث تضمنت «كما يجب زيادة جودة ومساءلة المعلمين وقادة المدارس لتحسين جودة النظام» على كل حال يقصد بالمساءلة مجموعة الآليات التي تجعل النظام التعليمي والمدرسة والمعلم والمدير مسؤولين أمام الدولة والمجتمع.

وترى العديد من الأبحاث أن مساءلة المعلم تطور الممارسات التدريسية، وبالتالي تحسن نواتج التعلم عند الطلاب، وذلك لأنها تشكل هويته، فالمعلم الذي يتوقع المحاسبة والمساءلة قطعاً هو يختلف عن المعلم الذي يثق أن أداء طلابه ومدى اكتسابهم للمهارات لن يؤثر على ديمومة وظيفته.

السؤال الذي يلي ما سبق هو ما التقويم الذي يثمر عن مساءلة منصفة للمعلم والوزارة والمجتمع؟

هل هو الدارج حالياً حيث يعتقد البعض أن ربط أداء المعلمين بأداء طلابهم في الاختبارات هو التقويم الأفضل رغم أن التجارب العالمية تنفي ذلك، حيث إن التركيز على الاختبارات وأداء الطلاب فيها كمحدد وحيد لأداء المعلمين غير فعال خصوصاً أن أداء الطلاب في الاختبارات لا يقيس سوى جانب واحد من جوانب عدة ننشدها كمربين لينجح هذا الطالب في سوق العمل، فمثلا الدافعية وضبط النفس لا تقيسها الاختبارات وتدل الأبحاث أن المعلم الجيد يؤثر بشكل فعال على اكتساب طلابه لها وربما ليس مفاجئا لو قلنا، إن Soft skills أو المهارات المرنة تؤثر أيضا على ما تقيسه الاختبارات، والتي تتعلق بالجانب المعرفي فالطالب غير الصبور مثلاً ببساطة قد يخرج من الامتحان قبل أن يتمه.

إذن كيف نقيم المعلم ونكون أحطنا بكل جهوده داخل الفصل وخارجه؟ سأجيب عن هذا السؤال في المقال المقبل.