ما بين التوقيع للنصر أو البقاء في الهلال، يشتعل الشارع الكروي السعودي بقضية اللاعب الدولي محمد كنو، وهي ليست القضية الأولى أو الثانية أو الأخيرة في الدوري السعودي للمحترفين، بل جاءت كحلقة جديدة في مسلسل يتكرر بين الأندية الجماهيرية، وهي قضية غالبا ما تنتهي بـ«حب الخشوم»، أو اتباع مواثيق شرف، في حلول تبدو بعيدة عن المهنية والاحترافية في عالم المستديرة، حيث تتبع تلك الأندية طرقا لا تستند للأنظمة والقوانين، لإنهاء الخلافات.

قد تفجرت قضية كنو عقب توقيعه للنصر خلال «الفترة الحرة»، وفقا لبيان النصر الذي نص على اكتمال جميع الأمور القانونية للتعاقد مع اللاعب، وهو خلاف ما أظهره الهلال حول توقيع اللاعب نفسه له، وتمديد عقده معه حتى 2025.

سابقة كالون

في 2007، برزت قضية اللاعب محمد كالون، الذي وقع عقدا مبدئيا مع الهلال، وحضر إلى الرياض، لإنهاء أمور التعاقد، إلا أن اللاعب خلال لحظات غادر إلى جدة، ولم يكمل مراسم التوقيع، لينتهي الأمر بتشكيل لجنة رباعية من قِبل الرئيس العام الأسبق لرعاية الشباب (قبل تحولها إلى وزارة)، الأمير سلطان بن فهد، والتي أصدرت قرارا بمنع التعاقد مع اللاعب لثلاث سنوات، وقبول استقالة رئيس نادي الاتحاد، منصور البلوي، التي عدها البعض إقالة جراء أحداث وتفاصيل هروب اللاعب «كالون».

ميثاق الشرف

في 2008، برزت قضية اللاعب مانسو، الذي وقع عقدا مبدئيا مع الاتحاد والأهلي، لينتهي هذا الأمر من خلال «ميثاق الشرف»، الذي أطلقه الأمير سلطان بن فهد، لمنع التعاقد مع اللاعب، وعدم الدخول في أي مزايدات مالية لأي صفقة يرغب في إتمامها النادي.

هذا الميثاق لم يتم العمل به خلال تلك الفترة، واستمرت الأندية في التنافس على من ترغب في التوقيع معه مع تجاوزها سقف الأجور للاعبين، وإدراجها ضمن بند «السُلفة» في كثير من عقود اللاعبين التي يتم التوقيع معهم.

غرامة مليونية

في 2014، ظهرت قضية لاعب الأهلي سعيد المولد، الذي وقع لنادي الاتحاد خلال «الفترة الحرة»، لكنه تراجع عن اللعب مع «العميد»، وطلب العودة لـ«الراقي»، وهو ما دعاه إلى الاحتراف الخارجي، واللعب في نادي «الرائد» 6 أشهر، ومن ثم العودة من جديد لتمثيل الأهلي، ليصدر «الفيفا» قرارا يلزمه بدفع غرامة مالية، قدرها مليون ريال، لنادي الاتحاد نتيجة عدم تنفيذه العقد الموقع بينهما.

التراضي بين الناديين

في 2017، وقع لاعب النصر عوض خميس، خلال «الفترة الحرة»، عقد انتقال للهلال، لكنه عاد ليوقع بعد 10 أيام عقدا جديدا مع النصر، وهو حدث أثار الجدل في حينه، وقاد إلى جملة تحقيقات من قِبل لجنة الاحتراف، التي استدعت اللاعب، وسمعت أقواله، ونظرت في العقود المبرمة، وانتظرت الجماهير قرارا يحسم الخلاف بشكل قانوني، ويشكل سابقة يمكن الاستناد إليها لاحقا، إلا أن الأمر انتهى فجأة بالتراضي بين الناديين، وبمباركة من رئيس الهيئة العامة للرياضة حينها، المستشار تركي آل الشيخ، واستمر اللاعب مع النصر، بعد رده مبلغ التوقيع الذي تسلمه من الهلال.

عدم الاحترافية

أرجع المحامي والمستشار القانوني الدكتور ماجد قاروب لـ«الوطن» تكرار مثل هذه القضايا إلى عدم احترافية الأندية، وأن إداراتها تعمل

بشكل عشوائي وعاطفي ولحظي، حيث تخاطب الجماهير، لتعزيز مكانة رؤسائها الاجتماعية، التي ليست لها علاقة بالنادي والقانون، مؤكدا أهمية إعادة النظر في قانون الأندية الرياضية، وإلغاء «العضو الذهبي»، وتفعيل الجمعيات العمومية، التي تعد الأساس القانوني للرقابة والتشريع داخل كل ناد، والتي لها الحق في محاسبة مجلس الإدارة، وتصحيح أخطائه وعزله.

وأضاف د. قاروب: «المشكلة الأساسية أن إدارات الأندية لا تتعامل مع الموضوع بالشكل القانوني الصحيح والسليم، بل تلجأ إلى إصدار البيانات الإعلامية المضللة للجماهير، وهذا يسبب الإرباك، وتعدد الروايات حول كل عملية انتقال، ويعزز ذلك الإعلام المهووس والمتعطش للسبق الصحفي دون التحقق من المصداقية، مع ترجيح كفة الميول الرياضي لدى هذه الجهة الإعلامية أو الإعلامي نفسه. لذا، أصبح المشهد غير واضح، وحوله كثير من اللغط المؤثر سلبيا على العملية الرياضية، التي يجب أن يحكمها القانون، وأن تشرف عليها لجنة في الاتحاد السعودي لكرة القدم، وتكون الجهة المعنية باتخاذ القرار في مثل هذه القضايا».

حماية الحقوق

أكد قاروب أن «اللاعبين لا يستعينون بوكيل أعمال دائم، أو بمحام مؤهل، لحماية حقوقهم وتبصيرهم، ولكن ما يحدث في أثناء التفاوض أن يظهر لنا «والد اللاعب - أخو اللاعب - صديق اللاعب»، وهذه الأمور تؤثر سلبيا على بعض اللاعبين والصفقات، لأنها تخرجها عن مسارها الصحيح والسليم، لانعدام خبرتهم، وعدم معرفتهم القوانين الرياضية»، منوها بأن «قضية اللاعب محمد كنو لن تجدها في جميع الدوريات العالمية المحترفة، ولن تكون الأخيرة فى ملاعبنا، ولا يمكن التعليق قانونيا عليها إلا بعد النظر في جميع أوراقها، وتفاصيل التوقيع الموثقة بالوقت والتاريخ».

ثقافة الاحتراف

بيّن مدير الاحتراف السابق في نادي الوحدة، عبدالعزيز دبلول، لـ«الوطن» أن اللاعب والنادي ووكيل اللاعبين واتحاد الكرة ووزارة الرياضة مسؤولون عن ثقافة اللاعب، التي يجب بناؤها منذ وجوده في الفئات السنية، بحيث تكتمل عند وصوله إلى الفريق الأول، ويكون على معرفة تامة بجميع هذه اللوائح والتفاصيل. وقال: «يفتقد اللاعبون لثقافة الاحتراف، ولا يعرفون من العقد إلا قيمته ومدته والمقدم، ولا يعلمون ما عليهم من واجبات والتزامات، ولذا ستتكرر الأخطاء ما لم تتم معالجتها بوسائل حديثة ودورات تطويرية».

وأضاف «دبلول»: «وزارة التعليم من خلال مناهجها الدراسية في مادة «التربية البدنية» باستطاعتها إضافة فصل دراسي في المراحل الدراسية، لتوعية الطلاب بقيمة وأهمية الاحتراف، والتعامل معه بشكل إيجابي، سواء على الجانب القانوني أو المالي، وذلك لإدارة هذا الأمر بطريقة مثالية واحترافية، تسهم في ضمان واستدامة مستقبل اللاعب».

لاعبون أثاروا جدل التعاقدات

محمد كنو

النصر والهلال

2022

عوض خميس

النصر والهلال

2017

سعيد المولد

الاتحاد والأهلي

2014

مانسو

الاتحاد والأهلي

2008

محمد كالون

الهلال والاتحاد

2007