ممارسة التعبّد في مواقع التواصل الاجتماعي استفحل حتى أصبحت كـ«سجادة إلكترونية»!.

وصل الحال بأن هناك رسائل وتغريدات تحلّفك بأن تعيد إرسالها، أو تحدد مصيرك بالهلاك إذا لم تنشرها، وأصبحت هي الوسيلة الأشهر لتصنيف الفرد أخلاقياً، ما إذا كان ذا خُلق أم لا، وعليه.. يكون قبول الآخر له، كلما زادت رسائله الدينية، وثق به الناس أكثر وقبلوه، بل إنها حصن منيع لأي زلّة مستقبلاً يفعلها، فلو تعدى أخلاقياً لبرروا ذلك بزلة بشر أو نية جَبْر.

عند متابعة هذه المجموعة، قررت أن أسال بعضهم لماذا الدعاء والاستغفار وقراءة القرآن والعبادات الأخرى ترسلونها لآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، أو تنشرونها في صفحاتكم الشخصية؟. جميعهم اتفق على إجابة واحدة وهي «للتذكير»، تذكير من؟ الغالبية العظمى هنا مسلم، الدين يقحم في كل شيء منذ الطفولة، فمن تذكر؟، هنا يرد عليك بالآية «وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَع الْمُؤْمِنِينَ»، وهو لا يعرف سياقها الذي أتى في عصر نشر الدعوة وإقناع الناس بالرسالة!، وبالتالي كيف تذكر من لا يعرف شيئا عن الأديان سوى الإسلام؟ الذي أصبح هويته وهواه؟، هنا يأتي الرد بالإسقاط العقدي والشيطنة.

تتبعت طبيعة ممارسيها وطريقة استخدامهم لهذه الرسائل، وخلصت إلى أنهم عدة أقسام، القسم الأول الذين يشترون بدين الله مالاً قليلا «الدعاة»، القسم الثاني من أضناه الحزن، ولا يملك الإرادة للتخلص منه بتحمل مسؤولية المصائب، فيذكر نفسه بأن هناك من سيتحمل ذلك عنه وينقذه، القسم الثالث وهي الغالبية العظمى التي ترائي بتدينها، لكسب محبة الناس وثقتهم، فهي الطريقة الأسهل في مجتمع يقبل الرجل فيه أن تتزوج ابنته وهو لا يعرفك، فقط لأنك متدين وتؤدي عباداتك سيأتمنك على أعز أحبابه.

في مجتمع سيحكم عليك بالخير بناء على دينك وليس على أخلاقك، مجتمع يفتقر لشيئ من الوعي، حيث إن المنطق لديه مركون، حقيقةً.. الدين والأخلاق أمران منفصلان تماماً، ولا رابط بينهما، سوى أن أحدهما يعزز الآخر بوضع مكافأة لفاعله، فلو كان الدين وثيقة أخلاقية لما وجد في المجتمعات العربية إجرام، ولما كنا بحاجة للسجون، ولن يكون جزءا كبيرا من القانون موجود، فدعونا ننضج قليلا بتحليل ما يدور حولنا.

كل من يمارس عباداته على مواقع التواصل الاجتماعي هو مراءٍ بدينه لغايات، أما عذر التذكير.. فهو تبرير لمن عطل تفكيره.