في الوقت الذي ارتفع فيه التضخم خلال 2021 بنسبة بلغت خلال عام 1.24% توقع اقتصاديون أن يكون عام 2022 عام التضخم العالمي بامتياز ما سيؤثر على الدول المستوردة كثيرًا لأنها تستورد التضخم من كل دولة تشتري منها.

وعلى الرغم من زيادة الرقم القياسي لأسعار المستهلك خلال العام الماضي بين 103.72 و 105.17 إلا أنه يبقى ضمن الحدود المقبولة، حيث يعتبر هذا الرقم قريبًا من المسجل في عامي 2018 و2019 ومقاربًا للمسجل في 2017 و 2020 وهو ما يشير إلى أن نسب التضخم في المملكة لا تزال أقل من المعدلات المسجلة عالميًا والمسجلة محليًا في السنوات الماضية.

تفاوت نسب التضخم

شهد العام الماضي تفاوتًا في نسب التضخم بين الزيادة والنقصان، حيث شهد ارتفاعًا بنسبة 0.22% في يناير لينخفض في فبراير بنسبة 0.12%، وبنسبة مماثلة في مارس، ثم يعود للارتفاع في أبريل بنسبة 0.17%، وفي مايو 0.18%، ليواصل الارتفاع في يونيو بنسبة 0.15%، ومثله في يوليو، ويرتفع في أغسطس بنسبة 0.06%، وسبتمبر 0.2% وأكتوبر 0.24%، وفي نوفمبر 0.02%، لينخفض في ديسمبر بنسبة 0.1%، وجاءت الأرقام القياسية لأسعار المستهلك مقاربة للأرقام المسجلة في الخمس سنوات الماضية والتي شهدت أيضًا تفاوتًا في نسب التغيير حيث ارتفعت بين ديسمبر 2017 و2018 بنسبة 2.2%، وأكملت الارتفاع في 2019 بنسبة 0.28%، لتنخفض في 2020 بنسبة 2.56%، وتعود وترتفع في ديسمبر الماضي 1.24%، حيث شكل السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أعلى نسبة في فئات إنفاق المستهلك وبنسبة 25.50% تلتها الأغذية والمشروبات بنسبة 18.78%، والنقل 13.05%، والسلع والخدمات الشخصية المتنوعة 12.57%، وتأثيث وتجهيزات المنزل 6.74%، والمطاعم والفنادق 5.60%، الاتصالات 5.62%، والملابس والأحذية 4.20%، والترفيه والثقافة 3.06%، والتعليم 2.87%، الصحة 1.43%، والتبغ 0.60%.

أسباب التضخم

يرى أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك فيصل الدكتور محمد القحطاني أن عام 2022 سيكون عام التضخم العالمي بامتياز، وهذا سيؤثر على الدول المستوردة كثيرًا لأنها تستورد التضخم من كل دولة تشتري منها، مشيرًا إلى أن المملكة أقل بلد بعد اليابان في مستويات التضخم، ويعتبر التضخم في المملكة ليس كبيرًا مقارنة بدول أخرى، وهناك سبب رئيسي للتضخم حيث خلقت الرقمنة تحولات رهيبة في الاقتصاد العالمي وغيرت من شكله وارتباطاته، وأصبح الطلب العالمي أكبر من العرض بسبب إخفاق سلاسل الإمداد العالمية في ظل جائحة كورونا، فأصبحت سلاسل الإمداد متقطعة، والظروف الجيوسياسية في العالم، مضيفًا أنه مهم جدًا مراقبة التضخم بشكل دائم، وعدم مراقبة الأسعار من الأسباب التي تؤدي للتضخم فلا بد أن تكون هناك مراقبة وتقنين للأسعار، حيث إنها ترفع من التضخم على الأقل في جانب السلع فنحن بلد مستورد ونعتبر أكبر فاتورة استيراد في الشرق الأوسط، حيث إن الإحصاءات تشير إلى أن 60% من فاتورة الاستيراد بالشرق الأوسط لصالح السعودية.

السيطرة على التضخم

أضاف القحطاني، إن لدينا عدة عوامل تبشر بالسيطرة على معدلات التضخم أبرزها أن الاقتصاد السعودي يشهد ازدهارًا كبيرًا وسريعًا، والبنك الدولي توقع نموًا للاقتصاد السعودي بنسبة 4.5% وكنت توقعت في وقت سابق أن يكون هناك نمو بنسبة 5.5%، البنك الدولي لديه تحفظ دائمًا في النسب، وهذا يشير لمستوى النمو في اقتصاد المملكة، ونرى دولًا تأتي للاستثمار بالمملكة، حيث جاءت كوريا مؤخرًا ممثلة برئيسها ومعه عدد من المستثمرين للاستثمار بمشاريع في المملكة، ولا ننسى عودة انسيابية سلاسل الإمداد بين دول العالم، حيث أصبح لديها درس من تجربة كورونا بعدم انقطاع سلاسل الإمداد، والملك سلمان بقمة العشرين أكد ضرورة فتح سلاسل الإمداد وعدم قطعها في أزمة كورونا، وذلك لأن الدول في اقتصاداتها تعتمد على بعضها البعض، مشيرًا إلى أن التضخم سيستمر خلال هذا العام، ولكن التضخم الذي يمكن التحكم فيه والسيطرة عليه، مؤكدًا أنه ليس للميزانية العامة دور في عملية التضخم وإنما هو مرتبط بمستوى السيولة، فإذا كانت السيولة في البلد كبيرة تؤدي للتضخم، فمهم جدًا مراقبة السيولة، وإذا كانت هناك وفرة للسيولة وعدم تقنين للقروض يؤثر ذلك على عملية التضخم، فوجود قروض لشراء السيارات والكماليات وأعطيت بمردود ونسب بسيطة وسنوات كبيرة فترفع التضخم وتزيد منه لأن السيولة بدل أن تذهب للسلع الرئيسية تذهب للكماليات، فالقروض غير المقننة ساهمت في رفع التضخم، مضيفًا أن ارتفاع أسعار النفط كان لها دور في زيادة التضخم، حيث إننا بلد مستورد والمصانع تعمل بالنفط فكلما ارتفع سعر النفط وصلتنا أسعار السلع متضخمة، بسبب ارتفاع أسعار النفط فالاقتصاد مرتبط ببعضه البعض.

مواجهة التضخم

لفت القحطاني إلى ضرورة وجود سياسات مالية لمواجهة التضخم من خلال مراقبة النقد فلا يكون النقد متوفرًا من خلال البنوك، وإنما يكون النقد مرتبطًا بالمجهود، التضخم بحد ذاته مشكلة ولا توجد دولة في العالم تسلم من التضخم سواء الدول المتقدمة أو النامية وهو يأخذ بالتزايد عالميًا، ودائمًا الاقتصادات تسعى لمعالجة التضخم، فزيادة الطلب على السلع والخدمات، وزيادة السكان، ويقابله زيادة في الإنتاج لتلبي ما زاد على الطلب، وزيادة السيولة النقدية بشكل يفوق زيادة السلع والخدمات، فإذا زادت السيولة النقدية ولكن لا توجد وفرة في الإنتاج سواء من حيث الوقت ولا الموارد البشرية تساعد، وارتفاع المستوى العام للأسعار يؤدي لانخفاض قيمة العملة المحلية وبالتالي انخفاض القوة الشرائية، وهذا يترك أثرًا كبيرًا على جميع أفراد المجتمع من منتجين ومستوردين ومستهلكين، فعلينا مراقبة المستوى العام للأسعار، ومن ضمن الحلول البنك المركزي الذي يعول عليه الكثير لمراقبة البنوك السعودية ومراقبة التضخم والعمل على تخفيض أو تحجيم أنظمة الائتمان الاستهلاكي فإذا كانت هناك قروض كثيرة مع فترات طويلة للسداد ينخفض السداد وينخفض الطلب على الائتمان فيزداد التضخم.

مظاهر التضخم

ويشير المستشار الاقتصادي الدكتور علي بوخمسين إلى أن التضخم يعني ارتفاعًا في المستوى العام للأسعار أو تضخم الدخل النقدي أو ارتفاع التكاليف أو الإفراط في خلق الأرصدة النقدية وليس من الضروري أن تتحرك هذه الظواهر المختلفة في اتجاه واحد وفي وقت واحد، بمعنى أنه من الممكن أن يحدث ارتفاع في الأسعار دون أن يصحبه ارتفاع في الدخل النقدي، كما أنّه من الممكن أن يحدث ارتفاع في التكاليف دون أن يصحبه ارتفاع في الأرباح، ومن المحتمل أن يحدث إفراط في خلق النقود دون أن يصحبه ارتفاع في الأسعار أو الدخول النقدية، مشيرًا إلى أن ظاهرة التضخم مصدر قلق على الدول المصدرة للنفط منذ سبعينيات القرن الماضي عندما بدأت أسعار النفط بالارتفاع، ومن بين هذه الدول المملكة، حيث إن هنالك علاقة مباشرة بين ارتفاع أسعار النفط والتضخم، حيث يؤثر ارتفاع سعر النفط بشكل مباشر وإيجابي على معدلات التضخم في الدول الرئيسة المصدرة للنفط، وبالتالي فإن مصادر التضخم في المملكة تأتي من الإنفاق الحكومي وأسعار النفط، مضيفًا أن شهر أبريل من العام 2021 سجل أعلى نسبة تضخم حيث بلغ 5.3%، مقارنة بالشهر نفسه من العام 2020 ويعد أعلى وتيرة لارتفاع للتضخم منذ يناير 2020م ويعزى السبب في ذلك إلى وجود ضريبة القيمة المضافة 15% في ظل وجود 5% ضريبة قيمة مضافة في نفس الفترة من العام 2020م وبالتالي يعتبر ذلك سببًا طبيعيًا للارتفاع الذي شهده معدل التضخم، بالتالي نجد أن هنالك قفزات في معدلات التضخم كانت بسبب ضريبة القيمة المضافة، وقد بدأت هذه القفزات في التراجع بسبب السياسات التي تنتهجها حكومة المملكة.

السياسات المالية والتضخم

ويرى بوخمسين أن السياسات المالية والنقدية التي تتخذها المملكة للحد من التضخم تعتبر سياسات ممتازة وإيجابية على معدلات التضخم الحالية، مما يؤكد أن السياسات الحكومية المالية والنقدية تمضي بشكل ممتاز إلى جانب تعافي الاقتصاد السعودي وصلابته، كما تشير البيانات الرسمية إلى أنه بالاستطاعة السيطرة على التضخم بخلق عملية توازن من خلال الإصلاحات الاقتصادية والسياسات المالية والنقدية إلى جانب رفع مساهمة الناتج غير النفطي في الاقتصاد، ومن المتوقع أن يشهد التضخم في الأسعار تراجعًا أكبر في المملكة مما سينعكس على الاقتصاد، ومن أبرز السياسات التي اتخذتها الحكومة السعودية في احتواء التضخم وأتت أكلها في هذا المجال عبر خلق توازن بين مجموعة من العناصر والمحاور التي شكلت معالم السياسة النقدية والمالية في الثلاث سنوات الأخيرة عبر:

• خفض الإنفاق الحكومي

• فرض ضريبة القيمة المضافة

• تخفيض كمية النقد المعروض عبر طرح برامج شراء سندات للمصارف بهدف امتصاص السيولة الفائضة والحد من التمويل المصرفي الاستهلاكي

• التوسع في برامج العرض السكني

• التشجيع على انتهاج برامج الادخار واتباع برامج ادخارية لدى الكثير من شرائح المجتمع

مستويات التضخم

مشيرًا إلى أنه من المتوقع الاستمرار في انحسار معدلات التضخم بشكل متتابع في العام الحالي بسبب زوال بعض المؤثرات الرئيسية وانخفاض تأثيراتها مثل ارتفاع الطلب القوي بعد رفع الحظر وانحسار تأثير اضطراب سلاسل الإمداد التي تحسن وضعها لحد كبير، وأيضًا استمرار الفدرالي الأمريكي في برامجه في إدارة معدل الفائدة ومكافحة التضخم وأثره على قوه الدولار، وبالتالي استفادة الريال السعودي من ذلك بسبب الربط مع الدولار، كل ذلك بجانب تعافي الاقتصاد السعودي وتزايد معدل النمو وقطف ثمار العديد من البرامج والمبادرات الاقتصادية الحكومية خلال الفترات السابقة كلها ستصب إيجابا في اتجاه تراجع معدلات التضخم بشكل تدريجي وصولا للمعدلات المستهدفة قرب 3%؜ وهو معدل مقبول عالميًا وثم انخفاضه بشكل أكبر ربما في النصف الثاني من العام الحالي هذا بافتراض ثبات العوامل الرئيسية المؤثرة القائمة حاليًا في الاقتصاد العالمي وعدم تكرار ظروف الجائحة مستقبلا لا سمح الله، وعودتها بقوة في حال تنامي الإصابات وعودة الإغلاقات.

الرقم القياسي للمستهلك خلال 2021:

ديسمبر 2020= 103.77

يناير 2021= 104.00= 0.22%

فبراير 2021= 103.87= - 0.12%

مارس 2021= 103.72= - 0.12%

أبريل 2021= 103.90= 0.17%

مايو 2021= 104.09= 0.18%

يونيو 2021= 104.25= 0.15%

يوليو 2021= 104.41= 0.15%

أغسطس 2021= 104.48= 0.06%

سبتمبر 2021= 104.69= 0.2%

أكتوبر 2021= 104.95= 0.24%

نوفمبر 2021= 105.17= 0.2%

ديسمبر 2021= 105.06= - 0.1%

الرقم القياسي على مدى 5 سنوات:

ديسمبر 2017= 103.9

ديسمبر 2018= 106.2= 2.2%

ديسمبر 2019= 106.5= 0.28%

ديسمبر 2020= 103.77= - 2.56%

ديسمبر 2021= 105.06= 1.24%

فئات الإنفاق الرئيسية ونسبتها في الرقم القياسي:

الأغذية والمشروبات= 18.78%

التبغ= 0.60%

الملابس والأحذية= 4.20%

السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى= 25.50%

تأثيث وتجهيزات المنزل= 6.74%

الصحة= 1.43%

النقل= 13.05%

الاتصالات= 5.62%

الترفيه والثقافة= 3.06%

التعليم= 2.87%

المطاعم والفنادق= 5.60%

السلع والخدمات الشخصية المتنوعة= 12.57%