في 2004، تقدم أحد سكان القرية إلى إدارة التعليم في إحدى مناطق المملكة بشكوى ضد أحد المدرسين. ذكر فيها أن المدرس يخرج من المدرسة باستمرار، ويغيب عن العمل من دون إذن، ويقوم بمراجعة الدوائر الحكومية، ويحضر جلسات قضائية في المحكمة من دون طلب رسمي. قامت إدارة التعليم بأخذ الشكوى على محمل الجد ففتحت باب التحقيق في موضوع الشكوى لأكثر من عام. فكانت النتيجة عدم صحة شكوى المشتكي.

بعدما أسفرت التحقيقات عن عدم صحة شكوى المشتكي، أقام المدرس دعوى قضائية ضد المشتكي في المحكمة العامة مطالبا بمعاقبته؛ وذلك لتقديمه شكوى كيدية ضده لدى جهة عمله. الأمر الذي تسبب له في القدح بنزاهته وتشويه سمعته، مما نتج عنه أضرار معنوية. بعد مرافعات استمرت لعدة أشهر، حكمت المحكمة بسجن المشتكي لمدة خمسة أيام وأخذ تعهد عليه بألا يعود لذلك مرة أخرى - إذ إنه تبين أن شكواه كانت كيدية ضد المدعى عليه. لم يرض الحكم طرفي النزاع ولكن أيدت محكمة الاستئناف الحكم.

الدعوى الكيدية هي دعوى لا تقوم على أساس من الصحة ولا يكون هناك دليل أو قرينة مؤيدة لإقامتها. وذلك أن المدعي يهدف بها إلحاق الضرر بالمدعى عليه. فنجد أن المدرس تكبد مشقة التحقيق والتقاضي بناء على ادعاءات لم تثبت صحتها. فنجد أن المشتكي قد تدخل في حياة المدرس الخاصة من دون أن يكون هناك سند نظامي يخوله لفعل ذلك. إلا أنه ذكر أنه كان حريصا على عمل المدرس بصفته ولي أمر أحد الطلبة الذين يدرسون لدى المدرس. فتجده يضع نفسه موضع جهة العمل ويجادل أن المدرس خرج من دون إذن- برغم وجود جهة مختصة تتابع المدعي وتعاقبه على تقصيره. كما أنه يأخذ على المدرس أنه كان يحضر جلسات المحكمة؛ فيقول إن المدرس كان بإمكانه أن يوكل محاميا أو وكيلا عنه بدلا من حضور جلسات المحاكمة والاستئذان من العمل. وذكر أن من إحدى القضايا التي توكل بها المدرس هي قضية توكل بها عن زوج أخته ضد أهل القرية في دعوى عقارية. فيتضح مما قدمه المشتكي أن هناك إقرارا ضمنيا منه أن الدعوى تهدف إلى إلحاق الأذى بسمعة المشتكى عليه العملية. وبتأمل وقائع القضية والتي منها تدخل المشتكي فيما لا يعنيه فيما يتعلق بعمل المدرس، نجد أن الحكم بسجنه خمسة أيام وأخذ تعهد عليه بعدم تكرار ذلك دون فرض غرامة مالية عليه، قد لا يحقق عدالة التعويض التي كان يطالب بها المتضرر. ولكن، من المحتمل جدا أن عدالة المحكمة آنذاك قد أخذت بمبدأ الظروف المشددة والمخففة بعين الاعتبار في نظرها للقضية. إذ إن المدعي لم يلحقه ضرر مادي- بمعنى أنه لم تثبت مخالفته ولم يصدر بحقه عقوبة جراء الشكوى الكيدية. علاوة على ذلك، لم يكن للتعويض المعنوي في ذلك الوقت سوابق قضائية يمكن الأخذ بها.