يقول فرانسيس: «من الخطر للغاية أن يكون المرء مناصرا للحقيقة دوما، ففي بعض الأحيان يجب على المرء أن يختار أن يسكت وإلا فسيتم إسكاته»، ولكن إن كان لا يمكننا الجهر بالحقيقة، فعلى الأقل يجب أن تكون معروفة في قرارة أنفسنا، كحقيقة «الستر»، وهو ما أود مشاركته معكم في ظل غيابها أو لنقول تواريها عن الأنظار في هذه الحقبة الزمنية.

«الستر» قيمة من منظومة قيم إنسانية ثم أخلاقية ثم دينية ثم تربوية، ولهذه القيمة حقيقة تقول: إن البشرية كانت في السابق عُراة لا تغطي أجسادهم إلا قطع بسيطة من أوراق الأشجار أو جلود الحيوانات، ثم توارت الأزمنة إلى أن تواجد القماش، فأصبح ما يُغطيهم هو قطع بسيطة منه لعدم وجود كميات كافية كما نراه اليوم.

(عصر حجري يعني إنسان متخلف بدائي يمشي وهو شبه عريان!).

أكدت الحضارات المختلفة أن أول تطور شهدته الإنسانية كان في المظهر؛ عندما بدأ الإنسان يستر نفسه شيئا فشيئا إلى أن وجد اللباس، وأن الإنسان مر عبر العصور بمراحل صعبة حتى استطاع أن يتوصل إلى صناعة (الملابس) التي تستر عورته وتقيه من عوامل عدة قد تتعلق بالبيئة كالحرارة أو عوامل اجتماعية كالتنمر، حتى أصبح ستر الجسد قيمة إنسانية ثم تربوية تدل على الأخلاق والتدين في جميع الحضارات، وشكلا من أشكال التطور الإنساني والثقافي، فكلما أخفى المرء جسده الفطري دل ذلك على عمق وعيه. وباعث ذلك «أن أعضاء الجسد لها وظيفة أقل قدراً من السمو الروحي، ومن هنا نلاحظ كيف تطور الإنسان عبر القرون في التغطية حتى قُرنت بالأخلاق ولم تكن منها!»

وما يؤكد هذه الحقيقة هو ما قاله عز اسمه: «وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ»، الجاهلية عكس الحضارة؛ أي لا تعودون إلى التخلف والجهل والبدائية..

إذن الستر هو كمال في المظهر منبعه تطور ثقافي ووعي فكري، فكلما كبرت فكريا وتطورت في بنائك الثقافي وزاد وعيك سترت جسدك.

ما قلناه سلفا هو حقيقة؛ يجب أن تكون معروفة لديك، حتى إن لم تتمكن من الجهر بتأييدك لها، فلا تكذب على نفسك وتبخس من ردائك شيئا فشيئا، ظنا منك «بأنك تتطور»!.