منذ أن تولى السلطة عام 2000، حيث شغل منصب الرئيس ومنصب رئيس الوزراء، قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يغيّر إستراتيجيات الحرب على الأرض، وأن يبني جيشا روسيا قويا، وهذا الأمر جعل منتقديه يرون أنه لا يزال يتحلى ببعض السمات التي تعود إلى الحقبة السوفيتية، والتي شكلت رؤيته للعالم. فبعد خسارة روسيا لحرب الشيشان الأولى (11 ديسمبر 1994 – 31 أغسطس 1996) في عهد سلفه بوريس يلتسن، قرر بوتين في أغسطس 1999 أن يغير طريقة روسيا في الحروب لينتهج أسلوبا جديدا عرف فيما بعد بسياسة «الأرض المحروقة».

تكتيك الأرض المحروقة

وفقا للمحللين العسكريين فإن هذا التكتيك يعتمد على استهداف البنى التحتية للخصم والقصف المستمر لأهم المواقع الإستراتيجية قبل عملية الاكتساح البرية، وهو الأمر ذاته الذي طبقه بوتين في غروزني الشيشانية وحلب السورية، هاتين المدينتين الرمزيتين اللتين حولهما القصف الروسي في 1999 و2016 إلى رماد.

ويقول خبير الشؤون السورية في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر، في تغريدة عبر حسابه في «تويتر» أرفق معها صورا لمدينة خاركيف الأوكرانية التي تعرضت للقصف قبل أيام: «كما لو أنها حلب من جديد».

الزحف الناري في أوكرانيا

مع مرور أيام عديدة على بدء روسيا حملتها العسكرية على أوكرانيا، تظهر القوات الروسية في البلدات الصغيرة على وجه الخصوص استعدادها لترك الأرض قاحلة خلفها، وهو ما يعرف بإستراتيجية الأرض المحروقة، كما فعلت في غروزني في الشيشان، أو جنبا إلى جنب مع القوات السورية في مدينة حلب القديمة، حيث دُمّر الإنسان والتراث، وذلك وفقا لتقارير غربية.

لكن دبلوماسي أوروبي يرى أن «أوكرانيا، بالنسبة للروس، ليست مثل سورية، فبسط القنابل هو أمر أكثر تعقيدا بالنسبة لهم، إنهم أشخاص أقرباء وبعضهم لديه عائلة».

أوجه الاختلاف

يؤكد باحثون أن حرب بوتين في أوكرانيا ليست مشابهة تماما لما حدث في الشيشان التي دُمرت خلال الحرب الثانية (1999- 2009) - وسورية - حيث تدخلت القوات الجوية الروسية بشكل مكثف منذ عام 2015 من أجل مساعدة حليفها بشار الأسد في مواجهة الفصائل المقاتلة.

وأوضحوا «في الشيشان، كانت روسيا في أراضيها ولم يكن جيشها كما هو اليوم، 50 % مهني.. في سورية، كانت الوحدة البرية الروسية محدودة للغاية، وفي الميدان كانت القوات السورية أو حزب الله أو الميليشيات التي شكلت وقودا للنار».

والوضع ليس على هذه الحال في أوكرانيا حيث يشارك عشرات الآلاف من الجنود الروس وحيث يتمتع الخصم الأوكراني بوسائل ودعم دولي هائل.

حلب السورية

بعد هجوم وحصار عنيفين، استعاد الجيش السوري، بمساعدة سلاح الجو الروسي حلب، معقل المعارضين للنظام السوري في 22 ديسمبر 2016 بعد حصار منذ يوليو من نفس العام. وقُسّمت العاصمة الاقتصادية السابقة لسورية إلى منطقتين منذ العام 2012، حيث أصبحت الأحياء الشرقية تحت سيطرة المعارضة فيما كان معظم الجزء الغربي تحت سيطرة النظام السوري.

وفي 22 سبتمبر، شنّت دمشق وحليفتها روسيا هجومًا كبيرًا على القسم الخاضع لسيطرة المعارضة اشتدّ أكثر في نوفمبر. وتعرّضت أحياء المعارضة لقصف عنيف بالبراميل المتفجرة والقذائف والصواريخ.

وأعلن النظام السوري في 22 ديسمبر أنه استعاد السيطرة الكاملة على حلب بعد خروج آخر موكب من عشرات الآلاف من السكان والفصائل المعارضة، الذين تم إجلاؤهم إلى مناطق المعارضة شمالاً.

وخلّفت معركة حلب أكثر من 1800 قتيل بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، المقرب من المعارضة السورية، وجُرح نحو 5000 شخص.

غروزني

تعرّضت غروزني، عاصمة الشيشان للتدمير، خلال شتاء 1999- 2000 بواسطة المدفعية الروسية والغارات الجوية.

وساهم الهجوم على الشيشان الذي قرره رئيس الحكومة الروسي آنذاك فلاديمير بوتين بجعله الخليفة بلا منازع للرئيس الروسي بوريس يلتسين، الذي أعلن استقالته بشكل مفاجئ ليلة رأس السنة في 31 ديسمبر 1999.

وكانت العملية مقررة بالأساس لقمع المتمرّدين الإسلاميين الذين شنوا هجومين على داغستان المجاورة، لكنها تحولت بسرعة إلى حرب لاستعادة الجمهورية التي تطالب بالاستقلال، مع الاستيلاء على غروزني كهدف رئيس.

وفي 6 فبراير 2000، أعلن فلاديمير بوتين، الذي أصبح رئيسًا بالوكالة، «تحرير» غروزني بعد أسابيع من القصف الدامي والقتال.

- إستراتيجية عسكرية أو طريقة عمليات يتم فيها «إحراق» أي شيء قد يستفيد منه العدو

- تركز على تدمير موارد العدو بشكل عقابي

- تدمير الإمدادات الغذائية للسكان المدنيين في منطقة الصراع

- اشتهرت روسيا بالذات بهذا النوع من الحروب

- طبقت روسيا هذه المنهجية عدة مرات

- طبق نابليون بونابرت والألمان هذه المنهجية خلال الحرب العالمية الثانية

- أثبت هذا النوع فعاليته في كثير من المعارك

- استخدم حافظ الأسد هذه الإستراتجية أثناء مجزرة حماة عام 1982

- أعاد بوتين استخدام سياسة أسلافه من القياصرة الروس في الشيشان وسورية والآن أوكرانيا