أول ما لفتني في الفيلم السعودي «أبطال» بوست المشاركين، أبطال ذوي الاحتياجات الخاصة. أدركت أنه عمل متعوب عليه، كون التعامل مع هؤلاء الأبطال بالتأكيد لم ولن يكون سهلاً، سأترك الحديث عن نجوم الفيلم لآخر المقال، لأن هناك تفاصيل رائعة جذبتني.

اختار الفيلم مدرسة الفلاح الواقعة بالمنطقة التاريخية في جدة، وهنا يكمن الذكاء، إذ يأسرك كمشاهد العمق التاريخي للمكان وللمدرسة العريقة التي تخرج فيها أشهر الشخصيات و الوزراء.

لم يغب البحر عن مشاهد الفيلم الذي عكس صورة جدة تاريخياً أو واقعها الحديث، الموسيقى والأغنية المصاحبة المنسجمة مع أحداث الفيلم، بالإضافة لجودة الصورة والإخراج، الباص وملاءمته للأحداث أيضا من جماليات الفيلم، تسلسل القصة وترابط الأحداث.


قبل عرض الفيلم لاحظت طريقة تعامل أبطال الفيلم مع بعضهم وكأنهم أسرة واحدة، فأيقنت أنني سأشاهد فيلما يصل للقلب لأن عنوان علاقتهم المحبة، ووصلني هذا الإحساس من خلال مجريات الفيلم.

المحور الأهم هو أداء نجوم الفيلم، سأبدأ من بطل الفيلم ياسر السقاف الذي لاحظت عمق علاقته مع الأبطال ذوي الاحتياجات الخاصة، أبدع كممثل، لم أشعر بالمبالغة في أي مشهد، حتى المشاهد الكوميدية كانت عفوية، مناسبة مع الأحداث.

حمل الفيلم رسائل كثيرة عميقة جداً، تعكس جزءاً من قناعات أفراد المجتمع، من ضمنها عندما شاهد ياسر شقيق خطيبته فاطمة البنوي التي تألقت وأتقنت دورها، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة وحالة التردد بالارتباط بها بسبب ذلك، حالة تمر بالكثير منا، أحداث الفيلم في كل مشهد تحمل رسائل عميقة ودروسا توقظ شيئا داخلك.

السقاف مر بمراحل مختلفة جداً كشخصية، من شخص اندفاعي متهور إلى متأنٍ يؤمن بقدرات الآخر حتى وإن كان من ذوي القدرات الخاصة، وأكاد أجزم لو سألته هل غيّر الفيلم فيك شيئا من الداخل ستكون إجابته نعم، فما يمس المُتلقي ويحرك مشاعره الأكيد أن البطل عاش تفاصيله وشعر به.

أما ذوو الاحتياجات الخاصة الأبطال والنجوم الذين تألقوا بأدوارهم، منحونا السعادة بوجودهم وتميزهم وعطائهم وبساطتهم.

شكراً لجميع العاملين بالفيلم، لأنني اقتنعت بأن مستقبل السينما السعودية أصبح تصاعدياً، وستكون لنا بصمة قريبة.

لست متخصصة في النقد السينمائي، ولكني أتذوق الجمال والإبداع وأشعر جداً بقيمة القصة والسيناريو، وأعتقد أن هيئة الأفلام، إحدى الهيئات التابعة لوزارة الثقافة، سيكون لها دور بارز في النهضة السينمائية السعودية القادمة، لذا أتطلع لوزارة الثقافة بأن تتبني أصحاب المواهب في الكتابة وصناعة الأفلام، وتنظيم دورات للنقد السينمائي، لنواكب التقدم في شتى المجالات.