نعلم جميعًا أن الدولة أعزها الله بطاعته، وبتوجيه مباشر من ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله، جعلت المواطن السعودي في رأس اهتمامها، وقد قال الملك سلمان وفقه الله: (إن كل مواطن في بلادنا وكل جزء من أجزاء وطننا الغالي هو محل اهتمامي ورعايتي)، وكذلك فإن المواطن محل اهتمام ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظه الله فهو القائل: (خدمة الوطن والمواطنين شرف عظيم ووسام نعتز به) وقال أيضًا حفظه الله (المواطن السعودي هو أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية).

ولذلك فإن رؤية المملكة 2030 ركزت على كل أمر فيه العناية بالمواطن باعتباره كما قال ولي العهد حفظه الله (أعظم ما تملكه المملكة العربية السعودية)، ومن مجالات العناية توطين الوظائف.

فحريٌ بكل موظف في الوزارات الخدمية أن يبذل جهده في تحقيق رؤية المملكة التي أمر بها ولاة أمرنا، لأن في ذلك مصلحة الوطن والمواطن، وطاعة لولي الأمر وفقه الله.

وقد لاحظت أن وزارة التعليم ممثلة بكثير من جامعاتها تتعاقد مع غير السعوديين لتدريس العقيدة والمذاهب المعاصرة وغيرها من العلوم الشرعية، بدون مجالس علمية أكاديمية (مجلس القسم، ومجلس الكلية، والمجلس العلمي، ومجلس الجامعة) فأمورهم ميسرة جدا، بينما في المقابل توضع العقبات والشروط الصعبة لمن يتفوق عليهم من الدكاترة السعوديين، فالسعوديون يُعرضون على كل المجالس الأكاديمية، ومن الصعوبة تجاوز كل تلك المجالس، فلو تم قبوله من بعضها، قد يرفض من بعضها، فيُصرَف النظر عنه، فلماذا لا يُعامَل السعودي بما يُعامل به غير السعوديين؟

لقد كان من نتيجة ذلك تمكين غير السعوديين، ورفض بعض السعوديين، رغم أن السعوديين أعمق علما في العقيدة والشريعة، وأحسن تأهيلا، وهذا أمرٌ يدعو للاستغراب.

وأذكر أن شيخنا ابن عثيمين رحمه الله كان رئيسا لقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة، وكان لا يقبل لتدريس العقيدة إلا الأكْفاء من السعوديين فقط، مع أن ذلك الوقت كان المؤهلون السعوديون ليسوا بهذه الكثرة في زماننا هذا.

وأنا هنا لا أتحدث عن توجهات غير السعوديين العقدية والفكرية، ولا أتهم أحدًا، ومعاذ الله أن أقف في رزق أحد من المسلمين، فالله تعالى هو الرزاق ذو القوة المتين.

وإنما أقول: إن السعوديين أولى لأنهم أبناء البلد، فحتى الزكاة الشرعية إنما تدفع لفقراء البلد لا لغيرهم، إلا إذا لم يوجد فقير في البلد أو كان لمصلحة راجحة كوجود أقارب في بلد آخر لا يجدون من يعطيهم، لحديث (إن الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم، تُؤْخَذ من أغنيائهم، فتُرَدُّ في فُقرائهم ) لاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (فقرائهم) ولم يقل (فقراء غيرهم).

قال شيخنا ابن عثيمين، قوله عليه الصلاة والسلام لمعاذ عندما أرسله إلى اليمن (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)، قوله «فقرائهم» أي: فقراء قومهم بمعنى أن زكاة أهل اليمن لأهل اليمن ما تخرج إلا إذا لم يوجد مستحق فتخرج، لكن ما دام يوجد مستحق فإنها لا تصرف إلى غيرهم، لأنه قال: (من أغنيائهم فترد في فقرائهم )أ.هـ.

فإن قيل: (بعض) هؤلاء المدرسين غير السعوديين، يحبون المملكة، ولديهم توجه حسن.

قلنا: هذا صحيح، والسعوديون أشد حبًّا لوطنهم المملكة العربية السعودية وقادتهم آل سعود، ويدافعون عن دينهم ووطنهم، فهم أولى بالتمكين.

وكل البلاد العربية تُمكن مواطنيها، ولا تُقدّم سعوديا عليهم، وهذا من حقهم، ولا يلامون على ذلك، والوزارة لو منعت التعاقد مع غير السعوديين في العلوم الشرعية والعقدية بالذات (بسبب توفر السعوديين في هذه التخصصات، وحساسية هذه التخصصات) لكان هذا هو المتعيِّن، لا سيما أن ذلك يتوافق مع برنامج توطين الوظائف الذي نصت عليه رؤية المملكة 2030.

نحن نتفهم التعاقد مع غير السعوديين في تخصصات طبية وهندسية ونحوهما من التخصصات التي قد تكون الحاجة ماسة لبعضهم، لكن من غير المفهوم أن يتم التعاقد مع غير السعوديين في تخصصات عقدية وشرعية، مهما ادُّعِي بأن الحاجة ماسة لهم، فتلك الدعوى غير صحيحة، لأن هذا التخصص كثير جدًا في السعوديين، فالسعوديون أولى، لأنهم مواطنون، ولأنهم محور اهتمام قادتنا، ولأن الأقربين أولى بالمعروف.