الحريات المكتسبة وتوسع المجالات الممكنة للتجربة تجعلنا أمام خيار صعب، وهو إعادة تشكيل الهوية، سواء الفردية منها أو الاجتماعية ككل، ولا يمكن استمرار الهوية الحالي كما هو في ظل التغيير المعرفي والثقافي الحاصل، والأهم التغيير القانوني.

ولأن الهوية تنطلق من البيئة، يتضح جليا التباين في المجتمعات الصغيرة للدولة الواحدة وفي المنطقة الواحدة، أيضا في العائلة الواحدة تجد أن لديها اختلافا واضحا في المناهج لأفرادها، لذا خوض هذا الاختبار في تشكل الهوية بناء على مناهج موضوعة مسبقا من عدة أفراد عاصروا أزمنة مختلفة جذريًا عن زماننا الحالي، يعتبر ضربا من الجنون، وستصبح غريبا إذا حاولت تطبيقها، وفي الغالب ستصنف كمتطرف.

ولكن بالمقابل هناك من يتماهى مع كل جديد دون إعادة التفكير أصلًا، بل إن بعض القوانين يتم وضعها للتسهيل على الناس، فيستخدمها الجميع فقط لإباحتها، لذا هناك نسبة كبيرة جدا من المجتمع يمكن تصنيفهم بـ «الدهماء»، وهم البسطاء فكريا ويطلق عليهم «العامة»، ويشكلون أكبر نسبة من المجتمع، لأن الأصل في الإنسان الجهل، والتعلم يحتاج لشجاعة، وليس الجميع شجاعًا، فالتطرف جريمة والتماهي مقيت، فكيف السبيل؟

المسألة ليست سهلة أبدًا، نحن كبشر نعيش صراع (الرغبة والرهبة) في كل قرار نتخذه أو تجربة قد نواجهها، وحتى تستطيع النجاة يجب أن تكون لديك مبادؤك الخاصة بعيدا عن المناهج الموضوعة والمتوارثة.

مبادئ المنهج الواحد غالبًا تعبر عن بيئة واحدة، لكن في عصرنا الحالي الأمر مختلف تماما، لأن دائرة «الممكن» أصبحت أوسع وستتسع أكثر مع الوقت. لا يمكنك مواجهة التحولات بمنهج واحد، لذا عليك وضع الأساس الخاص بك، ما تراه صحيحا وما تراه خاطئا، ومن المهم جدا أن تضع بعين الاعتبار أن ما تنتهجه هو قابل للتغيير في أي لحظة تواجه فيها ما هو أفضل منطقيا.

وانطلاقا من هوية الفرد تتشكل هوية المجتمع تلقائيا، لذا أساس التغيير هو أنت، منظومة المبادئ والأخلاقيات لديك يجب أن تضعها بنفسك كما تقول إنسانيتك لك، والأهم أن تلتزم بها، هويتك كفرد لم تعد قالبا يجب الالتزام به، أصبحت اختبارك الحقيقي في مدى صلاح عقلك ونفسك.