يعد إنشاء مركز وطني للعقوبات البديلة أمر غاية في الأهمية، ويضطلع هذا المركز بوضع سياسات وأطر لمفهوم العقوبات البديلة التي من اسمها «بديلة» عن العقوبة الأصلية المنصوص عليها نظامًا.

كانت سابقًا الفكرة في العقوبة تكمن في الإيلام، ومع تقدم المدنية والتجارب التاريخية في السياسات العقابية، اتضح أن هناك جانب اقتصادي، على القانوني أن ينظر إليه، وهو الخسارة المادية والمعنوية، عندما نعاقب المجرم ولا يعود فردًا صالحًا منتجًا في المجتمع، يعني ذلك خسارة بيت لم يفتح، وزواج لم يتم، وإنتاجية ضائعة وفرص مهدورة.

عندما تقدم الحكومة المشاريع المفيدة للمجتمع، فهي تستثمر في مواطنينها وأراضيها، لذلك فإن خسارة فرد في المجتمع هي خسارة تطال الموارد البشرية، و قد يكون هذا المجرم فنانًا أو مخترعًا أو طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا، وحينها فإن عودة هذا المجرم وتأهيله ليكون فردًا صالحًا أمر جد مهم.

العقوبات البديلة تسهم في إصلاح المجرم، فهي طريقة أقل إيلامًا لتأديبه، وتؤثر فيه نفسيًا، فمثلًا بدل عقوبة السجن شهرًا، فلينظف المساجد أو الشوارع ويقدم خدمة للصالح العام وهكذا. حيث إن الجوانب النفسية في العقاب أشد إيلامًا من العقوبة المادية، فالأخيرة يتجاوزها الإنسان بل يعتادها، والعقوبات البديلة فيها جانب نفسي يؤدب المجرم بل وربما يفرض لبسًا موحدًا لمن يؤدي العقوبة لتفعيل الجانب النفسي، وهذا اقتراح يحتاج لمزيد من الدراسة.

حيث تقوم المديرية العامة للسجون بجهود جبارة مع وزارة الداخلية والتعليم وعدد من الجهات لتكون البيئة العقابية بيئة تأهيل وإصلاح، والهدف أولًا وأخيرًا عودة الفرد صالحًا منتجًا لمجتمعه.

إن السياسات الرادعة تضعنا على الطريق الصحيح، والحقيقة تقال أن السعودية من أقل دول العالم في الجريمة، والسياسات الجنائية والعقابية مرتبطة ببعضها، ولا يستغرب أن تكون السعودية من أكثر مناطق العالم أمانًا لكل فئات البشر.