كنا سنكتب عن اليمن والحوثيين بعد الهجوم على منشآت «أرامكو» في جدة، لكن قلنا نكنب عن زيارة رئيس الوزراء البريطاني إلى السعودية (وترى ما أبعدنا كثيرا عن الموضوع!) ومن يعلم فربما هناك صلة بين الموضوعين، بما أنهما أتيا كتوارد أفكار وخواطر في العقل الباطني!

زار رئيس الوزراء البريطاني المملكة قبل أسابيع، ويقال في الإعلام إن سبب الزيارة هو إقناع المملكة بزيادة الإنتاج البترولي للضغط على روسيا، ويبدو أن الموضوع لم يتم؛ لأن السعودية أعلنت أنها ملتزمة باتفاقها في «أوبك+»، لكن هناك شيئا غريبا في الموضوع!

البريطانيون مدرسة الدهاء والخبث في السياسة وكتبنا عن خبثهم ودهائهم مقالات بل معلقات، هل معقولة يأتون فقط من أجل موضوع مثل هذا وهم يعرفون الرد والنتيجة؟

أستغرب صراحة! والموضوع يحتمل أمرين، فإما أن البريطانيين جاؤوا بشيء أو سيناريو أو صفقة معينة أو حتى شيء آخر وأبقوه سريا أو أن البريطانيين أصبحوا مع الجيل الحالي مثل كثير من السياسيين الأمريكيين سذجا، ويا خسارة قرون من التاريخ في الدهاء والخبث السياسي!

يجب أن يعترف الواحد بشيء أن البريطانيين ما زالوا يعرفون كيف يكتمون الأسرار، ولم يتسرب كثير إلا ما أريد له أن يظهر للإعلام، لو أن الزيارة لمسؤول أمريكي لتسرب الموضوع ثاني يوم في الصالونات السياسية في واشنطن، ولعرفنا الموضوع غالبا من القروبات في التطبيقات خصوصا من المسؤولين السابقين، ومن باحثي مراكز الفكر، وكما قلنا سابقا واشنطن صارت مثل المنخل ما فيه يتخبى، يمكن حتى بوابين العمارات في (دي سي) عندهم خبر!

لكن أستغرب أن بريطانيا العظمى تريد أن تقزم نفسها وعلاقتها مع السعودية والخليج في أمور مؤقتة مثل زيادة إنتاج النفط الخ...

توقعت صراحة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن تسرع بريطانيا وتكون شراكة إستراتيجية فعالة وكبرى مع دول الخليج، خصوصا أن العلاقة بين العوائل المالكة في دول الخليج وبريطانيا وعائلتها المالكة وسياسييها الكبار تمتد لعقود، وهناك احترام بين الجانبين وتفاهمات تاريخية قديمة، لكن بريطانيا تأخرت كثيرا بل تلكأت كثيرا في عمل هذه الشراكات الكبرى، ولا أعلم هل هو «قلة دبره» أو لم يعد هناك في بريطانيا السياسيون والمخططون الكبار الذين ينظرون للأمور نظرة إستراتيجية.

هل فات بريطانيا القطار؟ أم هناك أمور لا يعلم عنها!

في الملف اليمني بريطانيا كالعادة لعبت بخبث، فهي ساندت التحالف كلاميا وحتى عسكريا من خلال الاستمرار مرحليا في توريد الذخيرة والصيانة، وفي الوقت نفسه هي من ضغطت على التحالف لإيقاف استعادة الحديدة التي كانوا على بعد بضعة كيلومترات منها وكانت ستحسم الحرب اليمنية!

ما زلت أعتقد أن دور بريطانيا أكبر من أن تكون مجرد مرسال (مطراش– بلغة الخليج) للدول الغربية وأمريكا، وما زلت أعتقد أن دور بريطانيا يجب أن يكون أكبر، لديكم علاقات تاريخية مع الدول لقرون وعقود، وتحررتم من القيود البالية التي كانت تقيدكم من الاتحاد الأوروبي، ولديكم إمكانيات أن ترجعوا دولة عظمى لها حساب في المجتمع الدولي، والسياسة لديكم إلى حد ما ليست مزاجية كليا كما يحدث مع أمريكا تتغير كليا مع صعود كل رئيس جديد من حزب مختلف، فما زال لديكم بعض الاتزان والاستمرارية، لكن مع هذه الميزات هل مماحكة بعض دول الخليج أو تأييد منتجات الشوارع والكهوف في اليمن حتى من تحت الطاولة سيفيد إستراتيجيتكم المستقبلية أو شراكاتكم مع الخليج، إن دوركم في الأزمة الخليجية السابقة ودور مستشاريكم معروف، وما يحتاج نتكلم في الماضي، لكن أرى أنه تقزيم للرؤية والإستراتيجية الأكبر للشراكة الخليجية البريطانية، والخيار لكم.

أما بخصوص اليمن والحوثيين فلست أريد أن أعيد على التحالف الميعاد، مقال «اضرب على الكايد ليا صرت بحلان» يشرح كل شيء وأثبتت الأحداث صوابه وقبله مقال (اليمن لنتكلم بصراحة).