اتخاذ القرار هو أساس التغيير في حياتنا، حتى وإن جبرنا عليه طوعاً، جرب أن تسأل نفسك في كل تغيير يحدث لك: هل أنت الحاكم فيه أم المحكم؟ قرارك الأبسط في اختيار ما تأكله وتشربه، هل يكون باختيارك أم باختيار والديك أو أقربائك ومن حولك؟ قرارك في التعليم الذي ستفني عمرك به، هل هو باختيارك أم أجبرت عليه؟ ومجالك التخصصي ماذا عنه؟ هل اختاره لك والداك أم اختاره لك المجتمع في تمجيد اللقب العائد منه؟

شريك حياتك مثلاً... هل اخترته أنت بنفسك؟ أم طرق بابك فضولاً؟ أو طرقت أنت بابه خنوعاً؟ اسأل في كل تغيير تعمله، هل هو برغبتك أم برغبة غيرك؟

إذا وجدت أن غالبية قراراتك وتحولاتك كانت برغبة غيرك حباً منك أو إجباراً؛ فأنت تنتهج سلوك القطيع، ويتم تسميتهم «الدهماء»، وهم من تأخذهم بالصوت الأعلى والسلطة الأقوى، فهل أنت على علم بذلك؟

بشكل عام، إما أن تقود أنت؛ أو ستقاد لا محالة، إما أن تقرر أنت، أو سيقوم بذلك آخر، فما الذي يمنعك من ذلك؟

كثير من خطابات التيارات المختلفة فكرياً تحاول تعزيز وزيادة شريحة الدهماء، بإستراتيجيات واضحة ومشتركة للجميع، أولها ادعاء التخصصية وصدق المعلومة منهم، تعزيز منهج «المرجعية» في فصل ما التبس على الجمهور، وإثارة فقاعات إعلامية خطأ من دون مصادر واضحة، وادعاء وتمثيل دور البطل في تصحيحها، كلهم ينتهجون المنهج نفسه، كل التيارات، وعلى رأسهم التيار الشعبوي.

هذه التيارات تدعي أنها تلعب دور الدرع الحارسة لك من كل ما قد يشوبك- كما تراه أنت- وهو حقيقة درع حارسة عليك من كل ما قد يحميك وينقذك من عبوديتهم، أنت ضحية بالضرورة ما لم تتأخذ الخطوة في (التشكيك) بكل فكرة أو قرار يطالك كفرد ويمس حياتك الشخصية، لأن الفكرة الجميلة أو القرار الجيد سيثبتها التشكيك، والسيئة منها سيعريها قبل أن تقع فيها، والأهم هو علاقاتك الاجتماعية وخصوصاً العاطفية منها، يجب أن تكون لديك الصلاحية في تشكيلها، وإلا فهي استعباد أعمى لن تعيه إلا بعد منفى.

عزيزي القارئ، إذا أصبحت أنت المتحكم في أغلب قراراتك الشخصية وخياراتك المطروحة، ستكون لديك القدرة مستقبلا في نفي من يتحكم بك في نسبة قليلة من هذه القرارات.