اجتمع اليمنيون من مختلف الأطياف تحت قبة مجلس التعاون الخليجي وبحثوا أوضاعهم بالتفصيل وخرجوا بقرارات عديدة مهمة مثل إنشاء مجلس القيادة الرئاسي والمكون من رئيس وسبعة أعضاء وله جميع صلاحيات الرئيس ونائبه، وسمعنا وعودًا وكلامًا كثيرًا ومشجعًا من المسؤولين والأطياف اليمنية التي اجتمعت بالرياض، وسألني بعض الإخوة عن الموضوع لأني لم أعلق كثيرًا عن الموضوع، فقلت لجميع من سأل نفس الرد ! «خلنا نشوف الأفعال وبعدين نحكم».

الإنجليز عندهم مثلا عندما يتكلم أحد كثيرًا ويقولون (أرني) Show me ويعني نريد أن نرى أفعالا وليس مجرد كلمات ولا أحد يلوم المتابع للشأن اليمني بطلب الأفعال لأنه منذ سنوات ونحن نسمع أقوالا وفي الواقع نرى غير ذلك.

وبما أن كاتب المقال ينتمي إلى مدرسة السياسة الواقعية الجديدة فإن الأقوال ليس لها كثير من الوزن ما لم تؤكد بأفعال، ونحن نفضل دائمًا المثل الإنجليزي الشهير talk the talk، walk the walk أي بمعنى إذا تكلمت الكلام يجب أن تقرنه بأفعال تساند ما قلته.

فالشأن اليمني على الأرض كما هو، فالحوثيون هم الحوثيون ولن يتغيروا بين ليلة وضحاها فليس لهم عهد ولا يؤمنون بلغة الحوار ومصالح البلد، حتى لو أحرقوا البلد على من فيها فلن يهتموا، والشرعية على الأرض كانت غير فاعلة وينهشها الفساد والمحسوبيات وتغيير الولاءات والأداء العسكري الضعيف رغم الدعم الهائل، والأمم المتحدة هي نفسها تريد إطالة أمد الصراع لدفع الرواتب لموظفيها وأيضا (الذي منه) ! واللاعبون الدوليون يهمهم إطالة أمد الصراع من أجل ابتزاز الخليج، إذا لم يغير المجلس القيادي الرئاسي الوضع على الأرض سواء عسكريًا وأمنيًا واقتصاديًا فلن يستقر اليمن!.

يجب أن يشعر المواطن اليمني في الداخل بالفرق وأيضًا يشعر الحلفاء بالفرق في الأداء لكي يستمر الدعم، وإذا لم يتم الضغط على الحوثيين بقوة فلن يستجيبوا، أما الاتفاقات والعهود فهي عند الحوثيين أرخص من ثمن الحبر الذي كتبت به، وهم خرقوا الهدنة آلاف المرات.

قد يقول قائل إن المجلس الجديد يضم أغلب الفاعلين على الأرض ولهم وزنهم إلخ..، وهنا تكون المهمة أعقد أي يجب التنسيق بين الجميع وعدم تضارب الأجندة ويجب أن يكون العمل تحت منظومة واحدة عمليًا وليس أهدافًا متفرقة ضيقة.

ما زلت عند وجهة نظري أن أداء الشرعية يجب أن يكون تحت معيار (الدعم بناء على الإنجاز والأداء) هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعلمون ؟!، ونوصي وبقوة بوضع مؤشرات أداء معينة KPI وأهداف تحت جدول زمني محدد، فهذا من سيجلب الفرق وحتى لا تتلكأ بعض الأطراف أو تماطل من أجل مصالح شخصية ضيقة.

وفي شأن آخر رجع السفير السعودي للبنان وتعهدت الحكومة اللبنانية والمسؤولون اللبنانيون بتعهدات كثيرة أمام دول الخليج وأيضا أمام بعض الأطراف الدولية، وتعليقي تقريبا نفسه وهو (ستكون الأفعال أقوى صوتا من الأقوال)، لأن رأس البلاء والمعرقل واحد وهم ملالي طهران، أما الحوثي وحزب الله مجرد أدوات.

في السياسة المناقشات والاتفاقات في الظل وخلف الجدران قد تكون أكثر من العلن، لكن بغض النظر عن الاتفاقات في السر والعلن فإن ما يهم هو المحصلة النهائية أي النتائج والواقع وهذا شيء ملموس ويمكن قياسه فقط بالأفعال، فإن لم يتغير الملموس والواقع فلا يهم تفاصيل ودقة وسرية الاتفاقات والتعهدات والوسطاء.