في المقهى دار حوار بين شابين سعوديين أحدهما طبيب جراحة حصل على شهادته من إحدى جامعات بولندا، والآخر خريج إحدى الجامعات المحلية التي مساحتها فقط قد تعادل «شيئا مذكورا» من المساحة الإجمالية لبولندا بأكملها، وهذا يدل على إمكانياتها العالية.

كان النقاش عن طريقة تعامل الأساتذة الجامعيين والفرق بينهم في الجامعتين، قال الطبيب إنه في أيامه الأخيرة قبل التخرج، لم يستطع اجتياز اختبار بسبب سؤال واحد فقط من بين عدة أسئلة تحدد المصير في ذلك الاختبار، لأن أستاذته هناك وضعت أكثر من نصف درجة الاختبار على ذلك السؤال بالتحديد، وكيف أعيد الاختبار له، وباعتماد السؤال نفسه، ولكن بدرجة أقل، وهناك سؤال آخر مصيري، وبعد اجتيازه الاختبار في الإعادة الثالثة، أحضرت أستاذته في كلية الطب، أوراق إجاباته كلها ليعرف خطأه في كل مرة ليصحح تلك المعلومة «في عقله»، وهذا هو المغزى من العملية التعليمية كاملة، والاختبار جزء لا يتجزأ منها.

أما صاحبنا الآخر، فتحدث عن جامعته، وكيف أن الأساتذة فيها لا يمكن أن يسمحوا له بالاطلاع على ورقة الاختبار بعد حلها في حال كان لديه شك في أن درجته غير صحيحة، إلا بعد أن يضع لديهم مبلغ 500 ريال،لا يمكن أن يسترجعها في حال أنه لم يظلم ويعطى الدرجة المستحقة.

واستشهد بأخته (طالبة دراسات عليا على حسابها الخاص في الجامعة نفسها)، وقال، إن تخصصها اللغة الإنجليزية وإنها تعلمتها منذ نعومة أظفارها نظرا لمرافقتها والديها خارج الوطن، حتى أنها قادرة على تصحيح بعض الأخطاء التي يقع فيها أستاذها الجامعي، ومع ذلك لم تتمكن من رؤية ورقة اختبارها التي كانت متأكدة أنها ظلمت فعليا فيها، إلا بعد دفعها المبلغ المذكورأعلاه، وكيف أنها عاشت بداية جديدة لمرحلة «استقعاد» لها من قبل ذلك الأستاذ، فقط لأنها طلبت منه التثبت من درجتها.

فإذا كانت الجامعات الحكومية، تحولت إلى الاستدامة المالية، بفتح منتجات تعود عليها بدخل إضافي، فعليها أن تفرق بين «المدفوع» و«المجاني»، وعليها أن تعلم أنه لاستمرار ذلك فعليها أن تطبق أي معيار من معايير التسويق لمنتجاتها ولو على الأقل بمبدأ أن «العميل دائما على حق» فما بالك إن كان هذا العميل طالب علم! وما بالك أن الغاية من هذا المنتج هو زيادة التحصيل العلمي، فكيف يكون هناك تعقيد لما يزيد ذلك التحصيل بمنع الطالب من رؤية ورقة اختباره إلا بإجراءات «فزلكية»، أفليس من الممكن أن يتم آليا رفع كل ورقة اختبار للطالب على بوابته الإلكترونية الخاصة به، وبهذا يطلع الطالب على أخطائه ويتعلم منها، وكذلك لا يضطر لأن «يتشحذ» هذا الأستاذ أو ذاك، وحتى لا يتعرض الطالب للحرج في طلب ذلك من أستاذه خوفا من «الاستقعاد»، ولكن لاتخاذ هذه الخطوات بشكل عملي فعلى القيادات في وزارة التعليم أن يضعوا أمامهم تساؤلا بسيطا وهو «هل الأستاذ الجامعي بشر يخطئ؟!».