تعكف وزارة العدل منذ فترة على دراسة آثار نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية، ولنظام التنفيذ أهمية قصوى في حسن سير المعاملات المدنية والتجارية، إذ إن تحسين البيئة القانونية وجعلها موثوقة وآمنة ينعكس على حماية العدالة واستقطاب الاستثمار.

من الملاحظات على نظام التنفيذ أنه يحتاج لتطوير خاص يناسب بيئتنا، ومن الملاحظ وجود بعض الثغرات في نظام التنفيذ يستغلها المتحايلون، وأهم أشكال التحايل التي تنفذ بسهولة من ثغرات النظام هي المتمثلة في أخذ الديون من الناس. ثم ادعاء العجز عن الوفاء، فالنظام في هذه الحالة يوقف خدماته ثم يتركه حرا طليقا.

ومسألة إيقاف الخدمات مفيدة ولا شك مع المدين العادي الذي يتعرض لظروف إعسار ويضايقه إيقاف خدماته.

لكنها ليست ناجحة مع المتحايل الذي خطط مسبقا لفعلته فتجده قام بنقل ممتلكاته أو تحويل أرصدته لزوجته أو أبنائه مثلا أو أحد معارفه، وقام بتأمين مستلزماته وقد تكون ديونه بالملايين. مستغلا معرفته المسبقة بثغرات قانون التنفيذ. مثل هذه الحالة لا تحدث دائما بطبيعة الحال، لكنها تحدث، ولا بد للقضاء من إيجاد حلول حاسمة لها.

ومن أهم الطرق هنا هو أن يطبق القضاء مسألة التحقيق الدقيق في حركة حسابات المدين وتحويلاته والمستفيدين التابعين له وحجم مشترياته، وذلك للتحقق من عدم تصرفه بأمواله للهروب من الوفاء بديونه.

إن من يقومون بمثل هذه الأعمال يرتكزون على أن قضاء التنفيذ هو قضاء إجرائي لا يدخل في صلب موضوع الدعوى غالبا، والمعروف أن لكل دعوى جانبا إجرائيا وآخر موضوعيا، وقد منح نظام التنفيذ صلاحية واضحة لقاضي التنفيذ للتحقق من المدين وحركة أمواله، ومتابعة حركة المبلغ موضوع القضية، فلا يعقل أن يستدين شخص مبلغ مليون ريال على سبيل المثال، ثم يختفي هذا المال دون أثر، فإن كان قد تم نقله صوريا لشخص آخر فهذا يجعل المسألة واضحة أمام القاضي.

ومن الطرق الناجحة أيضا الاعتماد على شركات أو جهات خاصة مثل (سمه) بحيث يتم توكيلها بملاحقة العمليات المالية عبر المصارف بشكل إلكتروني، وهو ما يسمى التحقيق الإلكتروني المالي.

ومن أهم التجارب الناجحة أيضا تجربة الائتمان، ونجد هذه الفكرة مطبقة في أمريكا مثلا، وتتلخص في وجود سجل ائتماني يمنح نقاطا لمن يلتزم بسداد ديونه وقروضه وفواتيره، تؤهله هذه النقاط للحصول على مزايا وتسهيلات بنكية فتقلل من فوائده، وترتبط بسجله العقاري، حيث يوجد في النظام الأمريكي ما يسمى Soical Security Number رقم الضمان الاجتماعي الذي يشابه رقم الهوية الوطنية، تستطيع من خلاله الشركات معرفة سجل الشخص الائتماني وبالتالي تقرر إمكانية التعامل المالي أو العقاري معه.

لقد استسهل البعض فكرة استدانة مبلغ كبير ثم يجد طريقة لوضعه في أصول أو استثمارات غير خاضعة للتنظيم بشكل دقيق، مثل شراء مجموعة كبيرة من الأغنام أو الشراكة عن طريق أبنائه مثلا، فالواجب التدقيق في حركة أموال عائلة المدين والتحري عن كل ما يتعلق به ماليا للتقليل من عمليات النصب والتحايل المالي.