مستشفيات وزارة الصحة متاحة للجميع، في كل مناطق المملكة، وهي تخدم أكبر شريحة في المجتمع، وكلما كبرت الشريحة التي تخدمها زاد عدد الحالات ومعها تزداد خبرات أطبائها، لأنهم يتعرضون لكل الحالات الممكنة، ويعملون تحت كل الظروف، من زحمة وأحياناً نقص في الأسرة بالذات في مستشفيات الولادة والأطفال، يجيدون إدارة هذه الأمور بنجاح، وربما كانت أزمة كورونا هي الشاهد والدليل على إثبات قدرات أطباء وزارة الصحة والقطاع الحكومي، وكل قصص العلاج الناجحة وتوفر كل التخصصات حتى النادرة منها، ولكن لم يكن يجوز لطبيب وزارة الصحة من قبل ما يجوز لغيره من العمل في القطاع الخاص، فالقطاعات الأخرى تسمح لأطبائها بالعمل في القطاع الخاص، مثل أطباء المستشفيات الجامعية والأكاديميين، فلهم عياداتهم ومرضاهم فيها، وهذا من شأنه أن يرفع من جودة الخدمة المقدمة في القطاع الخاص، ولكن بقي طبيب وزارة الصحة لسنوات طويلة ممنوعا من هذا الحق، وإن خالف يجب عليه أن يدفع ضريبة ذلك، فقد كانت هناك جولات مسائية على المستشفيات والمراكز والعيادات الخاصة لإكتشاف أي طبيب حكومي يعمل فيها، جولة أقرب ما تكون للمداهمة.

هذا أصبح من الماضي، فقبل أيام طالعنا قرارا حكيما، بالموافقة على عمل الأطباء الحكوميين في القطاع الخاص، مع وضع كل الضوابط التي تضمن عدم الإخلال بالعمل في المنشأة الصحية الحكومية، هذا القرار سيجعل للمريض خيارات أكثر، بالذات مع وجود التأمين الطبي، كثير منّا يرغب في زيارة طبيب بعينه في المستشفى الحكومي ولكن لأن العيادات الحكومية لها آلية معينة وحسب جدول معين لا تستطيع أن تختار طبيبك بل هو حسب جدول يُعد شهرياً، يخص المناوبات والعيادات لكل استشاري، أحياناً تطول المواعيد، بينما يرغب المريض في رؤية طبيبه قبل موعده، كل هذا من الممكن أن يحدث مع السماح لطبيب القطاع الحكومي بالعمل في القطاع الخاص، حيث يستطيع مريضه أن يزوره في عيادته في الخاص متى أراد، وكذلك يستطيع أي شخص الاستفادة من خدماته في القطاع الخاص، بالذات أن الكل يرغب في الجمع ما بين جودة العلاج وحُسن الفندقة، ولأن القطاع الحكومي يخدم شريحة كبيرة من المجتمع فلربما يرغب المريض في خدمة فندقية أفضل لا تحققها المستشفيات الحكومية، بالذات مستشفيات وزارة الصحة لحجم الشريحة التي تخدمها، وهذا بالفعل الذي يجعل البعض يرى أن المستشفى الخاص خيارا أفضل، غرفة خاصة، وكنب وفخامة، وخدمة بمجرد دق الجرس.

السماح لأطباء القطاع الصحي الحكومي بالعمل في القطاع الخاص، سيجني ثماره المريض أولاً لأنه ستكون لديه خيارات عديدة في اختيار طبيبه ومكان تلقي الخدمة، وبالطبع سيعود على القطاع الخاص بالنفع والفائدة وسترفع من دخل الطبيب، وفيها تبادل خبرات.

هناك آلية معينة لتطبيق القرار وضمن ضوابط محددة، تضمن حقوق المريض في القطاعين الحكومي والخاص، حيث يكون العمل في القطاع الخاص خارج ساعات العمل الرسمية في القطاع الحكومي ولا يتعارض معه، وهناك شروط لا بد من توفرها في الطبيب وهو أن يكون استشاريا سعوديا لا تقل خبرته كاستشاري في التخصص عن عامين، مع وجود ترخيص بمزاولة المهنة وتسجيل ساري المفعول لدى الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، مع إني أرى أن عامين كاستشاري لا تكفي، بل من ثلاث أعوام إلى خمسة وأكثر، في القطاع الحكومي، الفريق الطبي الواحد فيه أكثر من استشاري تتفاوت بينهم الخبرات، فالقطاع الحكومي فيه وفرة من الاستشاريين في ذات التخصص من كل تخصص.