سبق وأن تحدثت عن الزواج التقليدي وما يحدث فيه من أمور غير منطقية، وأن فكرته بحد ذاتها غير إنسانية، إذا تم دون تعارف الطرفين، ولكن ماذا عن المهر؟، كان دائما يتبادر إلى ذهني سؤال: إذا أردت مشاركة حياتك مع المقرّب إلى عقلك والذي تراه مناسبا، فلم تدفع له مبلغًا من المال؟ هل هو شريك حياة أم موظف؟ المال مقابل ماذا؟ - استكمالا لمقالة سابقة هنا «نظرة شرعية أم شكلية» - المهر، يعرف بأنه شيء عيني يُقدّم للسيدة عند إتمام الزواج بها، وحق لها على الرجل الذي يرغب بالارتباط، وهذه القيمة تقديرية، ولكن في واقعنا هي تثمينية بتقدير مالي.

دعونا نتكلم بشفافية، المهر معروف، مبلغ نقدي تقديري، ماذا نقصد بتقديري؟

كما هو متعارف عليه؛ يختلف التقدير باختلاف القبيلة، ولا أعرف المقياس سوى طبيعة قدرتهم المالية، أيضا هناك تقدير مهم، وهو يخص المرأة ذاتها، مهر البكر ليس كمهر الثيّب، ويبدو لي أن هذا التقييم يرتكز على القاعدة التجارية المربوطة بالمال أيا كان غرضه، السلعة الجديدة تفقد جزءا من قيمتها بعد الاستخدام، وتقل أكثر وأكثر كلما نقص العمر المتبقي.. مهلا.. ما الذي حدث هنا؟

الذي لا أستوعبه، أن هذا المبلغ قد يستعيده الزوج من الزوجة عند الانفصال مع اشتراط عدم الدخول بها (أي أنها بكر) !، سؤالي هنا: هل المهر هو قيمة لهذا الدخول؟، أسئلة كثيرة قد ترد على بال من هو خارج الثقافة الإسلامية، من قبيل كيف يقبل المرء على نفسه مبلغا مقابل الاستمتاع، والآخر يقبل بأن يدفع هذا المقابل ؟ ربما تساءل من هو خارج هذه الثقافة وأضاف: هل هذا الأمر منطقي؟ أو حتى إنساني؟

في تصوري أن المشكلة حدثت عندما حصر المهر بمبلغ مالي، فالفكرة هي الهدية لطلب الود وترقيق القلب، وشرعا هي غير واجبة، فكيف أصبحت ركنا من أركان الزواج، فتحولت بعض البنات إلى أشبه بالجاريات، يقيمن بناءً على قبيلتها وحالتها الاجتماعية؟، البعض يقول إنها أفضل هدية، وإن المرأة ستشتري ما ترغب، والرجل يريدها وهدفه أن تتزين له، فهل الرجل تزوجها بهدف أن تتزين له؟

وهل هي تزوجته بهدف أن يعولها؟، هنا حدث التنميط بين الجنسين، الصورة النمطية للجنسين تكمن في تخصيص المهام، وهنا أصبح الرجل يجلب المال، والمرأة تجلب الأبناء!، وتخيل معي أنها مقولة محببة ومرغوبة في هكذا مناسبات، عند المباركة للزوجين بالارتباط يُقال لهم: «منك المال، ومنها العيال»!.

أخيرا وبكل صراحة.. الارتباط بين شريكين إنساني، وليس وظيفيا، ففي بعض المجتمعات، ولممارسات غير مقبولة، قبول المهر يحول المرأة لسلعة.