يعد استخدام التقنيات الحديثة لدعم اتخاذ القرار من الأمور التي تتسابق عليها الشركات والمؤسسات منذ عشرات السنين، فيمكن ملاحظة أن عددًا من الشركات قامت بالفعل باستخدام أنظمة تساعد التنفيذيين على الاطلاع على المعلومات المترابطة، التي لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بقرار ما، والتي يأخذها بعين الاعتبار، يمكن اتخاذ قرارات أقرب ما تكون إلى الدقة.

غير أن هناك حالات يمكن أن يكون توافر البيانات فيها ليس بفائدة كبيرة، إذ أنه ما زال هناك احتمال بأن تتسبب كثرة المعلومات في التشويش على صانع القرار، وبالتالي فإن تلك المعلومات التي كان من المتوقع أن ترفع دقة اتخاذ القرار، فإنها قد تكون السبب الرئيس في انخفاض احتمالية الوصول إلى قرار سليم.

من المجالات التي يلعب اتخاذ القرار فيها دور مركزي في العمل، هو مجال الأحكام القضائية، إذ أن جميع العاملين بهذا المجال، كالقضاة والمحامين والمدعين، بل والمتحاكمون، جل عملهم يعتمد على اتخاذ القرار السليم، المبني على المعلومات، ولذلك فتوافر المعلومات التي تدعم القضية يعد المحور الأساسي للعمل في هذا القطاع، ولكن كما سبق ذكره، يمكن معرفة أن توافر المعلومات قد يكون نقمة في بعض الحالات وليس نعمة، مما يعني أن متخذ القرار يحتاج إلى مهارة عالية في التعامل مع المعلومات المحيرة أو المربكة أو المشوشة على اتخاذ القرار.

وللتعامل مع المعلومات المحيرة أو المشوشة على اتخاذ القرار، وتحديدا في مجال القضاء، قام فريق مشترك بين المحكمة العليا في الصين وجامعة جياوتونج (Jiaotong University) الصينية بالعمل على تطوير أنظمة يمكنها التعامل مع الكم الكبير من المعلومات المتوفرة لقضية ما، بحيث يسهم النظام المطور في دعم القضاء، للوصول إلى الحكم المناسب، مع تركيزه على القضايا المحيرة، أو التي تحتوي على معلومات صعبة التعامل.

قام الفريق البحثي بتطوير خوارزمية ذكاء اصطناعي، يمكنها الاطلاع على البيانات والمعلومات المتوافرة لقضية معينة، ومن ثم البحث في أنظمة القضاء عن جميع الاحتمالات التي تنطبق على تلك القضية، بحيث يمكن للخوارزمية المطورة تحديد الموضوعات المحيرة، ومن ثم العمل على فك الالتباس بها آليًا.

يذكر الباحثون أن نظامهم يعمل على تجميع كل الأنظمة واللوائح القضائية في البلد، ومن ثم تصنيفها على شكل مجموعات مترابطة أو متشابهة، ومن ثم إذا تم استقبال بيانات قضية معينة، تقوم خوارزمية الذكاء الاصطناعي بتحديد مجموعة الأحكام التي قد ينطبق أحدها على تلك القضية، وبعد ذلك تقوم الخوارزمية بتحليل جميع البيانات المحيرة أو المتشابهة داخل تلك المجموعة، وذلك لتتمكن من فرز وتصفية الأحكام القضائية، ليكون محصلة عمل هذا النظام، أن يقدم لمتخذ القرار (القاضي في هذه الحالة) الحكم القضائي الأكثر احتمالية للصواب.