الإخوة المصريون لما بيقعدوا على القهوة بيعملوا حسابهم عشان ما «تتكبش»، طبعاً هذا على طريقة أسلوبهم البديهي والفكاهي الحاضر دائماً.

وفي المقهى وبعد السلام والكلام ويا عين يا ليل، يقول أحدهم يلا خلينا نروح لبيوتنا قبل ما الستات يصيروا سبعات وثمانيات وفين يوجعك، يرد باقي الشلةً: أقعد يا راجل مالك مستعجل كدا ليه أدينا بندردش ورانا إيه.

صاحبي علان عنده حساسية من كلمة ورانا إيه، وهو على فكرة يكتب مقالات صحفية بين حين وآخر، «وحسيبكم معاه» وهو يتحدث ويقول: بصراحة يا حبايبي حكاية ورانا إيه دي زي القط في كل مكان تنط، فلي صديق يكتب زاوية يومية في إحدى الصحف وكل ما أتحدث معه بالجوال أجده حاضراً، ونواصل الرغي «بالكلام» بالساعات بدون كلل أو ملل، وهات يا سواليف من هنا وهناك وقفشات، تعقبها كهكهات حتى يمكن سابع جار يسمعنا، وأقول له خلاص خليني أسيبك عشان يمديك تكتب مقالك، يرد وتسيبني ليه لسا بدري لاحق على الكتابة، إحنا ورانا إيه.

وثاني يوم ألقاه كاتب المقال في زاويته، صح لسانه وبنانه ما شاء الله عليه، وعيني باردة وحصوة ملح في عين اللي ما يصلي علي النبي، ثروة أفكار يومية والله إني أغبطه، وأحيانا أقول أحسده يا ولد، التقيت نفسي حتى الحسد محروم منه، أنا يا دوب مقال في الأسبوع ويا الله الخراج، والكلام «لصديقي علان» وأدور الفكرة بالتي واللتية حتى أجد واحدة من بنات أفكاري تنفع، وأحياناً ألقاها مش طالعة لأبوها، ولكن طالعة لبيت الجيران، والذي وداها للجيران لأن هذه البنت هي الفالحة من بنات أفكاري، أهو أحسن من بعض الناس فهي على الأقل طلع فيها خير وافتكرت الجيران.

أصلاً ما في جار دي الأيام بيعرف جاره، الأوادم يا عيني صار السؤال عنهم عملة صعبة.

علي فكرة ذكرتني كلمة عملة صعبة بواحد كان في بلد اقتصادهم مشي حالك، وعملتهم النقدية مهكعة كحال معظم دول العالم الثاني، المهم وهو ماشي أخذه واحد من الدوارين في الشوارع على جنب، وقال له مخافتاً تبغي عملة صعبة، رد عليه وما هي هذه العملة الصعبة، رد عليه الدولار، فأجابه صاحبنا والله عملتكم هي الصعبة التي ما تنصرف في أي مكان مش الدولار.

وادينا بندردش ورانا إيه، فكلنا نستعمل كلمة إيش وراك أو ورانا إيه، ومن زمن جدتي ومن أيام ما حفروا البحر، نحاول لي رقبة الحقيقة للجواب على إيش ورانا، بعضنا يرد ورايا شغل متلتل ومش قادر أحك راسي، واللي يقول أهو هو في غير العيال جايبين لي الصمرقع، وحبايبي ما شاء الله دوخوني من حلا كلامهم الماسخ، وأمهم التي أصلا ماعليها زود، واللسان اللي يكنس ويرش وفي المهمات لا يهش ولا ينش.

وآخر يقول ورايا بكره بلاوي، كل يوم وأنا شايل هم المدير النكد، لما أدخل المكتب وكلامه الذي صار كليشة، دوبك جاي يا شاطر، احلق ذقني إذا في يوم فلحت.

طبعا قلبه على كراسيه ومش هامه لأن ذقنه دايماً تلمع ما تشوف فيها ولا شعرة، وأظن أن هناك شخص ما بيحلق له كل يوم على الزيرو، طبعاً حيكون مين يعني أكيد المدير العام، هذا إذا سلم من المدام، لكن إيش نسوي أهو حكم القوي على الضعيف.

المهم نرجع إلى إيش وراك، والردود المختلفة، مثلاً واحد يرد يا أخي فلان زي لصقة جونسون ورايا ورايا، وزي الهم على القلب ماكو فكة فين ما أروح، وفي كل مناسبة ألاقيه قدامي، فأدخل اتسحب عشان ما يشوفني، واختار كرسي بعيد ويا دوب اجلس ما أدري إلا وهو بحذائي، وإذا كان هناك من يجلس قبله يطلبه أن يخلي المحل له لأني صديقه الحميم، ويسوي أنه يمون علي، وطبعاً هات يا بوس من الذي يمقته قلبك قبل خدك.

وآخر يقول لمدير البنك يا خوك وش بلا مندوبكم، كل ما أصبحنا وأمسينا ورايا ورايا، وناشبن في حلزي، وش رأيكم أضيفه بهويتي من ضمن العيلة.. أو يصير بيننا وبينه ريال وملح وأخلص منه، ما هم يقولون اطعم الفم تستحي العين، لكن بلا أبوك يا عقاب خوفتي ما يبان فيه، أو يطلع ما عنده نظر يعني شوفه طشاش.

وبكلمة طشاش تذكرت «طاش ما طاش» اللي أيام زمان كانت حلوة وتضحكنا من القلب، وأزين من العاصوف وأمثالها اللي تبكي قلبك قبل عينك، واحنا مش ناقصين هم وبكي، وبرغم هذا طلع العاصوف أحسن من مخرج سبعة، الذي أظنه كان الباب الذي يودي ولا يجيب، وخرجوا أبطاله منه ولم يعودوا إليه واستمر العاصوف بالعصف.

يقول أحدهم واللي «رفعها سبع وطمنها سبع» إني يوم أتفرج على المسلسلات الخليجية أول ما احتسي نفسي فيه هو علبة المناديل، يخلص المسلسل ومعه تخلص العلبة، وكل المناديل مبلبة كحالنا بعد انتهاء «حلقة الخضار»، أقصد حلقة المسلسل.

يا دافع البلا يا إخواننا شوفوا كيف جرنا الكلام، بس يرضه أدينا بندردش ورانا إيه.

«تلقائياً طرأت لي جملة حلقة الخضار» مع أسعارها التي أصبحت نار يا حبيبي نار، على قول المعلق الرياضي المشوق رؤوف خليف.

علي أي حال عندما بدأت أكتب المقال عن المقصود بورانا إيه أو إيش وراك والكلام لصديقي علان، فإني بعد بحث وتقصي وتحري «حلوة تحري يموت الزمار وأصابيعه تلعب» وسؤال كل أدوات التواصل ما حصلت شيء يفيدني، فقلت في نفسي يا رجال ارجع لعقلك، يعني هؤلاء الربع أفهم منك، مو برضو احنا ناس زي الفل، و إن كان تفكيرنا خذ وخل، وطبعا ما كنت أقصد الخل اللي نضعه على السلطة.

المهم، أخذنا الكلام وما قلت لكم لإيش وصلت للمعنى الصحيح للتساؤل، الذي يمكن أن يوجهه لك أي واحد عمال على بطال «انت إيش وراك»، والذي اتضح لي بالحذاقة والفهلوة، أن المعنى المقصود هو هل وراك ظهر، لأن المثل الشعبي يقول: اللي ما عنده ظهر ينفرش على بطنه، ما عدا الغلبان الذي ما عنده ظهر يستند عليه، سواء واسطة أو جاه وأكيد ولا هم يدهنون «السير» بشوية قروش، فهو مفروش يا ولدي مفروش.

يلا ياجماعة عن أذنكم «مش مهم الإذن اليمين أو الشمال» اسمحوا لي بروح للبيت، فرد جميع المستمعين عليه يا أخينا مستعجل ليه؟، أدينا بندردش ورانا إيه.