مصطلح العشق المتعارف عليه، والذي له شكل واحد، يفسره الأغلبية بـ«تعلّق الفرد بمحبوبه»، عدم الاكتفاء بمجالسته، ملاصقته في تفاصيل حياته، الحزن في بعده، والانكسار برحيله. هذه المشاعر تعتبر «عُرفًا» طبيعيًا، بل هي منتظرة لدى فئة كبيرة من الناس، في انتظار هذا النوع من الحب الذي سيقلب كيانهم، بحثًا عن تأثيره الإيجابي في جعلهم مقبلين على الحياة، وقوته في تعزيز حبهم لذواتهم.

في الحقيقة هذا التعريف يعبّر عما يسمى «الهوس»، أي الانفعال القوي وارتفاع المزاج العالي وهبوطه بشكل حاد بمسبب، وهنا يكون السبب.. محبوبك، هذا الشعور الذي تم تعريفه بالأعلى، يعتبر مرضًا، ويمثّل حالة الهوس بشكل واضح، وهو غير صحي، بل وخطير بتأثيره عليك على المدى الطويل.

تم تحوير مفهوم الحب بشكل واضح بدءًا من الأشعار الجاهلية، ومن ثم القصص الأسطورية المتوارثة، وأتى بعدها تأييد من المضطربين نفسيًا «الشعراء»، نعم الكثير من الشعراء المبدعين في التعبير عن الحب -كما يراهم البعض- مضطربون نفسيًا، ستلحظ ذلك جليًا بحالة الهوس التي يقدمها في أشعاره تجاه المحبوب، والمبالغة السايكوباثية التي تحدث في غيابه!، ولا قيمة للنفس حتى مقابل هذا المحبوب حيث إنها فداؤه!.

من يستمتع بهكذا علاقة، هو مضطرب نفسيًا بالضرورة، كيف يمكن قبول مشاعر غير مستقرة وعالية التأثير والتعايش معها، بل وتجاهل كل تأثيراتها السلبية والاستمرار بها؟، هنا حدث الخلل، هذا اضطراب عاطفي، ويصنف مرضًا إذا كانت هي الطريقة الوحيدة للفرد بممارسة مشاعر الود، وللأسف هناك قصور من مجتمع الصحة النفسية بمحاولة تسليط الضوء على ذلك.

الود -أو الحب كما يسميه البعض- الطبيعي بكل أنواعه؛ لا يخرج عن التعريف الآتي، هو من تسعد في قربه ولا تحزن على بعده، وتتمنى له أن يكون بخير، ودرجات هذا الود تظهر على مدى وجودهم من ضمن أولوياتك وليس على مدى تضحيتك!، بشكل مجمل.. من تحزن على فراقه، وتضحي بأغلى ما تملك لأجله، أنت مريض بسببه، ويجب التخلي عن هذا السبب فورًا.

وسأتحدث في المقالة القادمة لماذا يصاب الإنسان بمشاعر الهوس هذه، وهي مضحكة إلى حدٍ كبير.