يبدو أن بعض التجار يشن حربًا على المواطن المسكين المغلوب على أمره، وهدفه من الحرب هو أن يمص دم أو جيب المواطن -سمها ما شئت- حتى آخر قطرة!

الارتفاع الحالي غير المبرر للأسعار في بعض السلع الأساسية الذي يكوي كويًا الطبقة الوسطى والأقل، لو تقارنه بالسابق أو بأسواق المنطقة الأخرى ستجده غير مفهوم، عشرات السلع رفعت أسعارها لأسباب واهية، بل حتى حجم الزيادة لا يتناسب مع أي تبريرات لبعض التجار والسماسرة.

ماذا رأى المواطن من عديد التجار خلال سنوات، غير المبالغة بالأسعار والجشع وقلة خدمة المجتمع.

لنتكلم بصراحة وبلا مجاملات، العديد من التجار لدينا لم يقدم شيئًا للوطن والمواطن، بل على العكس بعضهم أساء للوطن ولليد التي احتضنته، وهم على فئات:

بعض كبار التجار كان مختلسًا وفاسدًا وحاول مص ثروات الوطن لسنوات، وذكرى الريتز ليست ببعيدة، ومع ذلك احترامًا لآدميتهم كتبنا وساندنا في ذلك الوقت التسويات، والآن بعد وصول عهد الحزم وعهد (لا للفساد)، عرف التجار أن الأمور تغيرت ولم تعد كما كانت سابقًا، من قبيل أنا أعرف فلانًا وأشارك فلانًا، وانتهى شغل (شد لي واقطع لك). بعض التجار عندما شاهد كيف أدبت وربت الحكومة الفاسدين، بدأ يركز أنظاره على جيب المواطن، للحصول على أكبر نسبة من الأرباح، بغض النظر عن حالة المواطن أو الاقتصاد.

ما هي الأعمال التي عملها العديد من التجار لأجل المجتمع والمواطن، هل عندما تمشي في شوارع المدينة تجهر عيناك كثرة الأعمال الخيرية والجمعيات والمراكز والمستشفيات التي تبرع بها التجار؟ أبدًا لا ! فقط بعض التجار جزاهم الله خيرًا، ترى أعمالهم والباقون لا المواطن ولا المجتمع يستحي منهم من قلة أعمالهم وأفعالهم!

وما يزيد الطين بلة بعض التجار يطلع لك بموضة (حلالي جمعته بعرق جبيني) اللي يسمعه يقول إنه بدأ من الصفر وأنه اخترع وأنشأ مصنع سيارات أو سفنًا أو طائرات، أو كون اسمًا تجاريًا كما بقية صناعيي العالم الكبار.

كثير منهم إما أنه استغل أيام الطفرة، أو أنه اشترى أو طلع صكوك أراضي وقعد عليها، وكنزها لسنوات (ولا تشرب ولا تاكل) وبعدين رفع سعرها، أو صار وكيلًا لإحدى الشركات الدولية وحط هامش ربح عاليًا على السلعة، ولعقود، لا نقل تكنولوجيا وحتى الصيانة ما يعرف يسويها، يعني ما فيها أي مفهومية أو جهد، والوطن والمواطن لم يستفد شيئًا يذكر من هؤلاء، لا توظيف ولا تشغيل أموال ولا نقل تكنولوجيا، بل على العكس العديد من المشاريع قلت جودتها منذ مسكها بعض التجار المحليين !

للأسف بعض التجار يحتاج إلى مسؤول صارم يشكمهم ويعيدهم إلى جادة الصواب، وليس الموضوع أن التجارة حرة وعدم تدخل بالسوق، بل على العكس بعض التجار حاليًا قاعد ينخر بأسس الاقتصاد سواء علم أو لم يعلم، أن أهم طبقة في أي مجتمع هي الطبقة الوسطى، وهذا شيء متعارف عليه، الآن العديد من الطبقة الوسطى يحس بوطأة زيادة الأسعار مما يقلل من القدرة الشرائية ومن ثم يقلل من دورة الاقتصاد والتوظيف إلخ..

أيام كورونا رغم تعطل سلاسل الإمداد حول العالم، بقيت الأسعار ممتازة والمواد متوفرة وكان جهدًا جبارًا مشكورًا من الإدارات الحكومية سواء دعمًا أو (مراقبة)، لكن الآن الأسعار ترتفع بنسب عالية وحتى (benchmark) في الأسواق المجاورة يفرق وهناك اختلافات ملحوظة.

أنا أعتب كثيرًا على بعض المسؤولين صراحة، أن حرية السوق لا تعني بأي شكل تمكين بعض التجار الجشعين من مهاجمة جيب الطبقة الوسطى التي هي أهم فئات الاقتصاد لما لذلك من آثار قريبة وبعيدة المدى على الاقتصاد الكلي ! للأسف بعض المسؤولين ربما يكون في برجه العاجي بعيدًا عن الاتصال بالواقع ومنتشيًا بالأرقام الكبيرة وبدراسات بيوت الخبرة والمكاتب الاستشارية، لكن هل جلس وسأل كيف حال السيكورتي اللي عند بوابة إدارته يدبر نفسه خلال الشهر؟! ربما يتمشى المسؤول محاطًا بطبقة مخملية فيحس أن الجميع مبسوط ومدبر وضعه، لكن ماذا عن الحلقة الأضعف، بل ماذا عن الطبقة الوسطى التي بعضها يعاني حاليًا من الأسعار، معالي المسؤول انزل إلى الواقع والشارع واسأل الناس العاديين واترك جانبًا ولو لبعض الوقت الكلام المنمق (بتاع الشركات الاستشارية). لا يعني أن الله منعم عليكم ورواتب الطبقة العليا الشيء الفلاني، أنه تنفصل عن الواقع وتنسى الآخرين.

وسأذكر شيئًا من باب المثال؛ وهو أن البدوي كاتب المقال ما يحب يشرب ويتلذذ القهوة إلا في مكانين في باريس، ولا يأكل السمك إلا في مطاعم غينزا، لكن لا ينسى هذا البدوي أنه في طفولته كان يتشارك في قارورة البيبسي وأولاد الحارة، وكل يشرب من فم القارورة نفسه، نسميها (جغمة) وكنا سعداء. لكن لا الشركات الاستشارية العالمية التي نتعامل معها ولا أضواء باريس ونيويورك تنسينا أنه عندما نزور الديرة وتريد سماع الوضع تروح تسلم وتشجع وتتكلم مع السيكورتي الذي أمام بوابة المول وأيضًا تجلس مع أصدقاء الطفولة في زاوية بوفيه على صحن شاورما. معالي المسؤول صدقني لن تفيد مكاتب العلاقات العامة في إدارتك مهما كانت كفاءة المتحدث في تجميل وتحسين الوضع ومهما استأجرتم من مؤثري التواصل الاجتماعي لمدح عملكم كأنه (شاعر مستأجر)، هؤلاء تأثيرهم مؤقت، لكن ما يستبقى له أثر هو تحسن حالة الموظف البسيط في إدارتك اللي راتبه أقل من 10 آلاف، هذا إذا رأيت السرور على محياه حتى آخر أسبوع بالشهر تعرف أن لاستراتيجيتك أثر كبير في المجتمع ككل. اشكموا بعض التجار ولا تبالوا، لأن بعض التجار تخاف ما تستحي، نحن البدو نقول (أوطئ الناس إللي بلاه على أهله وربعه)، وهذا إلى حد ما يذكر ببعض التجار فجشعه وزيادة أسعاره على المواطنين الذين هم أولًا وأخيرًا إما أقاربه أو ربعه أو أصدقاؤه أو جيرانه أو أهله أو حتى إخوانه من بقية السعوديين، ماذا قدم للبلد علشان الناس تستحي منه ؟! (أوصيكم وأوصيكم وأوصيكم وأوصيكم) بالطبقة الوسطى قلتها 3 مرات سابقًا، والآن كررتها أربعة، للأسف اِلتمَ عليهم بعض التجار الجشعين وكل منهم يحاول من جهة مص دمائهم إما من عقار مرتفع جدًا يستهلك أغلب الدخل أو أسعار مواد نار تستحوذ على البقية، وفي الأخير لا يبقى الا الفتات إذا بقي حتى، مما يؤثر في بقية قطاعات الاقتصاد والرؤية مثل الخدمات والترفيه والسفر والتي هي من تصنع الوظائف وتحرك عجلة الاقتصاد والدورة الاقتصادية. الطبقة الوسطى التم عليهم بعض التجار الجشعين وكل منهم يحاول مص دمائهم إما من عقار مرتفع يستهلك أغلب الدخل أو أسعار مواد تستحوذ على البقية