يحذر كثيرون من تساهل المجتمع مع المحتوى التافه، المهدر للوقت والمسيء للحياء، ويرون ضرورة أن يتحلى المتابع بقدر كبير من كفاءة الانتقاء، بدل إلقاء اللوم كاملا على كاهل صانع المحتوى الذي يعد مسؤولا أيضا عما ينتجه ويقدمه، والمسؤول أيضا عن الارتقاء في المحتوى الذي يقدمه للعامة.

وانسجاما مع هذا الرأي غرّد الأمير خالد بن عبدالله بن فهد آل سعود عبر تويتر «بات التصدي لـ #مشاهير_الفلس أمرا واجبا بل وحتميا على الجميع قبل أي وقت مضى، بمُجرد فقط «إلغاء متابعتهم» سيُصبحون «صفراً على الشمال»، لا قدر لهم ولا قيمة.. الأمر سهل وبسيط جداً، فماذا ننتظر؟!!». تمثيل وأكاذيب فيما يتفق كثير من الأمهات على ضرورة تعريف الأبناء بأهمية الخصوصية في حياتهم الأسرية، وأن خروج مشاهير السوشيال ميديا على هذه الخصوصية هو خروج عن الذوق العام واحترام المتابع، ويرون في الأمر مجرد تمثيل وإعلانات غايتهما رفع عدد المتابعين فقط حتى لو كان المحتوى تافها ومسيئا، توضح نجلاء البرثين، وهي أخصائية نفسية أن «السوشيال ميديا سلاح ذو حدين، وهناك من جعله طلبا للشهرة حد الهوس لدرجة دفعته للتخلي عن كل الخصوصيات في سبيل هذه الشهرة، وبات التنافس بين المشاهير في الحصول على أعلى المشاهدات وزيادة المتابعين دون النظر إلى مضمون ما يتم نشره من محتوى يشاهده كل المتابعين لهذا المشهور أو ذاك، وحتى من لم يتابعهم عن طريق إثارتهم بقضايا تافهة ونشر خصوصياتهم حتى يحصلوا على ما يريدون، فنجدهم للأسف تجاوزوا جميع الخطوط فأصبحت غرف النوم كصالة الجلوس وكغيرها من غرف المنزل، وأصبحوا يتفاخرون بتصويرهم على السرير ونشر كل ما في هذه الغرف أمام الجميع، وأصبحت حياتهم كتاب مفتوح للجميع دون احترام للخصوصية».

وتكمل «هؤلاء للأسف استخدموا السوشيال ميديا في الجانب السلبي لأن هدفهم الشهرة فقط، وبأي طريقة كانت، حتى لو كان على حساب العائلة والزوج أو الزوجة، وهؤلاء لديهم اضطراب ما يسمى بمتلازمة «هوس الشهرة» فلا يهم ما يعرضونه أمام الملأ، إنما المهم أن يشبعوا رغباتهم في الظهور وحصاد الشهرة».

وتضيف «لو فكرنا من ناحية منطقية ما الفائدة من تصوير غرفة النوم أو خصوصيات المشهور، وعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي، سنجد أنه لا فائدة مطلقا للمتلقي، وكل ما في الأمر أنه مضيعة للوقت.. هؤلاء من وجهة نظري يبحثون عن أقصر الطرق لبلوغ الشهرة، وليس من ورائهم أي فائدة».

وحول ما إن كان هناك حاجة لإعطاء هؤلاء المشاهير دورات تثقيفية تعليمية توضح لهم الفرق بين الحياة الخاصة والعامة، قالت البرثين «لا يحتاجون إلى دورات لأنهم يعرفون ذلك، ولكن هوس الشهرة يجعلهم يسلكون أقصر الطرق.. هم يحتاجون إلى إعادة برمجة، بل وتربية»، مضيفة «من يحتاج الدورات هو المجتمع الذي منحهم فرصة الشهرة، فيما كان عليه أن يتجاهلهم ويتجاهل تفاهاتهم، وحينئذ سيتوقفون من تلقاء أنفسهم لأنهم لن يجدوا من يتابعهم». حماية المجتمع يوضح المحامي الدكتور خالد بن ظافر العمري أن «حماية الأبناء تبدأ أولاً بزرع القيم الدينية والأخلاقية، فهي ركيزة أساسية إذا نشأت الأسرة عليها تصاغرت باقي الأمور، ثم يأتي بعد ذلك دور التثقيف المجتمعي».

ويبين الدكتور العمري أن «الأنظمة متعددة، وكلها تأتي لحماية المجتمع وصيانة قيمه وآدابه، فلكل تصرف خاطئ مادة تجرّمها الأنظمة، وهناك قضايا متعددة ومتنوعة في المحاكم بخصوص هذه الأمور، وهذه القضايا من اختصاص النيابة العامة في عرضها للمحكمة الجزائية، ونرى في وسائل الإعلام قضايا متعددة يتم القبض فيها وإحالتها للاختصاص».

وحول لائحة الذوق العام قال «إنها حديثة النشأة، وما زال المجتمع غير مطلع عليها بشكل عام، لكنها نافذة ومطبقة، وتعمل بها كافة الجهات الرسمية وذلك بما يحفظ الآداب العامة والقيم والأخلاق».

وبين أن «قيام المشاهير بتصوير حياتهم الخاصة لا يعد من التعدي على مفهوم المجتمع وعاداته، شرط أن يكون ذلك بضوابط شرعية، وألا يتعدى على عادات المجتمع وتقاليده».

وغير بعيد عن رأي الدكتور العمري، يرى كثيرون أن مسألة الخصوصية تتعلق بخيارات الأشخاص أنفسهم، وبالحدود التي يرسمها المجتمع أو يحددها لهذه الخصوصية، ومن هنا يرون أن ما يصح في أماكن بعيدة عن المملكة وفي مجتمعات أخرى مختلفة، لا يصح في المملكة ومجتمعها المعروف بحرصه على تقاليده وعاداته المتوافقة مع النهج الإسلامي. المادة 13 عدم عرض المحتوى الإعلامي المخل بالآداب العامة، أو الذي يظهر العري واللباس غير المحتشم، أو يثير الغرائز، أو الذي يستخدم لغة مبتذلة. ضوابط قيام المشاهير بتصوير حياتهم الخاصة لا يعد من التعدي بشرطين: 1 ـ يجب أن يكون التصوير بضوابط شرعية 2 ـ يجب ألا يتعدى على عادات المجتمع وتقاليده من ضوابط نظام المرئي والمسموع.

المال مقابل التحدي

تعجب أحمد شيخ مما يراه من إقبال الشباب والشابات في التوك توك على متابعة تحدي المشاهير، الذي يجعل المتابعين يدفعون المال وينساقون خلف المشهور أو المشهور بهدف فوز أحدهم على الآخر، الأمر الذي يجعل أموالهم تذهب للأسف للتوك توك وللمشهور، وكأن هذه الأموال ترمى بلا أي حساب للمشاهير.

ويقول «ما نراه اليوم أمر محزن جدا، فنحن لا نكتفي بمتابعة التفاهات، بل ندفع مقابلها، وهذا ما يزيد هؤلاء المشاهير أصحاب المحتوى التافه خروجا عن الذوق والأدب.. برأيي فإن المجتمع هو الذي دفع هؤلاء المشاهير لعرض ما يعرضونه من أمور تخرج عن الذوق العام والأدب، ويجب أن تكون هناك توعية للمجتمع، وكذلك محاسبة أيضا». من المسؤول يجمع كثير من المهتمين على أن المتابع يسهم في درجة كبيرة في انتشار المحتوى التافه، وذلك بدرجات تفوق مساهمة صانع المحتوى، والاهتمام يحدد طبيعة المحتوى الرائج، فرغم أن وسائل التواصل الاجتماعي تعمل في مجال العالم الافتراضي، إلا أنها تستمد مواضيعها ومحتواها من الواقع، والجمهور يحدد المحتوى الذي يروج له.