على حد علمي -واعذروا قصور فهمي- أن المقالات في الصحف اليومية غالبا تكون مقالات رأي، بمعنى أن هناك وجهة نظر حول حدث أو ظاهرة أو رؤية مستقبلية، موضوعاتها تمس الأغلبية القارئة إذا لم يكن الكل. في المقابل، المقالات الأكاديمية هي أطروحات بحثية قائمة على مراجع، واستنتج منها كاتبها نتيجة علمية لم يسبقه أحد في ذكرها أو طرحها، وتنشر في مجلات علمية تخص مجالها، أو منابر لديها اهتمام بالجانب العلمي.

أما الذي يحدث من بعض كتاب الرأي الأكاديميين في الصحف اليومية هو خلط الحابل بالنابل، يقرأ كتابين أو ثلاثة في موضوع معين، حتى وإن كان لا يلامس الأغلبية، ويسرد لك كمية من المعلومات بالتوالي، ثم يكتب اسمه في الأسفل، وينعت مقالته بأنها أكاديمية. المضحك/ المبكي، أن مقالته لم ترتق لأن تكون أصلا مقالة أكاديمية متوفرة العناصر، هي مجرد سرد لما تم استنتاجه سابقا، وفي الوقت نفسه ينعت مقالات الرأي بأنها «انطباعية»! ما لكم كيف تحكمون؟

من يعتقد أن الانطباعية نوع من أنواع السطحية فهو خاطئ بالضرورة، وإن كان أكاديميا فتلك المصيبة بعينها، لأنها في الحقيقة أساس كل نظرية ودراسة أو موضوع بحثي، ولكن كاتب الرأي يحترم نفسه فيما يقدمه، يطرح «انطباعه» ويترك المتخصصين لتفنيد هذا الرأي وتبنيه بحثيا إن كان تساؤلا أو ظاهرة جديدة.

لكن الأكاديمي -البعض منهم- يأبى إلا أن يحاول التباهي بشهادته العلمية، ويحاول تطبيق العلم الذي يبدو لي أنه يحفظه ولا يفهمه، ولا يريد إلا تقديم مقالات أكاديمية، يجب أن يذكرنا كل مرة أنه يحمل شهادة الدكتوراه، وبالاجتماعات يعرف بنفسه مع ذكر لقب «دكتور»!. ما لا يعلمه المتعلم والحاصل على أعلى الدرجات، أن المقالات الأكاديمية ليس محلها الصحف اليومية، وإن كان يريدها كذلك بحثا عن المكانة الاجتماعية؛ لعله يحترم نوع هذه المقالات ويكتب لنا ما استخلصه من بحثه الإلكتروني الممل في الغالب، ويتأكد من كل عناصرها ما إذا كانت مكتملة أو لا، ويتعلم قليلا كيف يعتز بذاته دون الإساءة لغيره.

أخيرًا.. لا تعب أمرا لست بفاعله، فليس دائما كل ما تهواه تتقنه، وليس كل ما يهواه غيرك تفهمه.