عندما يتعلق الأمر بالمصالح العليا للدول فإن العقل والمنطق يظهر جليًا وواضحًا كوضوح الشمس وتترك التصريحات التي قيلت في الوعود الانتخابية قبل حسم السباق الرئاسي في أمريكا، والسعودية دائمًا حاضرة وملف يعتمد عليه المرشحون سواء كانوا من الديمقراطيين أو الجمهوريين بالإضافة إلى دولتي الصين وروسيا، وهذا يمثل دلالة واضحة على ثقل الدول المؤثرة اقتصاديا في العالم..

تعاني أمريكا من ظروف سياسية واقتصادية سيئة وانقسام وصراع حاد بين الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس السابق ترامب والحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الريئس جو بايدن، وحقيقة هذا الصراع بدأ بعد استلام أوباما للرئاسة الذي أصبح جو بايدن نائبًا له آنذاك، وبعد صعود اليسار الراديكالي وإعطاء الضوء الأخضر للمهاجرين بشكل مبالغ فيه تحت غطاء حرية التعبير ظهرت الانقسامات العرقية بين الأمريكيين، بعد فوز ترمب ازداد ظهور حركة ما يسمى (أنتيفا) وهي حركة يسارية مناهضة للفاشية والنازية وضد اليمين المتطرف..

بعد أربعة أشهر تقريبًا سوف تقام الانتخابات النصفية في الكونجرس الأمريكي والديمقراطيين تساورهم الشكوك في عدم سيطرتهم على الكونجرس، الجمهوريين ربما قد ينتزعوا السيطرة على المجلس ووعود بايدن التي قطعها على نفسه سابقًا تبخرت وكتب مقالًا بعنوان (لماذا أزور السعودية) وأوضح فيها العلاقة الإستراتيجية والوطيدة بين السعودية وأمريكا التي تقارب ٨٠ عامًا..

الحرب الأوكرانية الروسية، ألقت بظلالها على المواطن الأمريكي والأوروبي، غالبية الدول الأوروبية تعاني من شبة شلل اقتصادي وارتفاع مخيف في أسعار الوقود، وبعد ذلك قرر بوتين إيقاف خط الغار الذي يمد أوروبا لمدة عشر أيام بغرض الصيانة، وربما الغاز لا يحتاج إلى صيانة وسبق أن صرح بوتين بأن العقوبات سوف تضر الغرب أكثر من روسيا، هناك أزمة غذاء عالمية تلوح في الأفق، وروسيا تقايض الغاز والقمح الأوكراني بالعقوبات التي فرضت عليها..

المفاوضات النووية ربما قد تتوقف في أي لحظة، والأشهر المقبلة سوف تكون حاسمة فيما يخص الاتفاق النووي، وقد تحرك إيران أدواتها بالمنطقة، من بين النقاط الصعبة التي لم يتم الإتفاق عليها، هي عدم التزام الديمقراطيين بعدم الإنسحاب من الاتفاق في حالة إقراره إذا فاز الجمهوريين برئاسة أمريكا عام 2024، ودستوريًا لا يحق للديمقراطيين الالتزام بذلك..

السعودية تمثل ثقل سياسي واقتصادي وإسلامي ولله الحمد وهي أحد دول العشرين واستضافت مؤخرًا قمة العشرين ولديها علاقات متينة مع الدول المؤثرة سياسيًا واقتصاديًا لاسيما الصين وروسيا، وسمو ولي العهد حفظه الله ورعاه ضابط إيقاع الرؤية تطرق وأشار في تصريحاته إلى نقطتين في غاية الأهمية وهي: مصلحة السعودية العليا، والمواطن السعودي..

ربما الربيع العربي الذي عاصره بايدن وهو كان آنذاك نائبًا قد يراه في أوروبا وهو رئيسًا نتيجة الأخطاء السياسية والاقتصادية التي يدفعها المواطن الأمريكي والأوروبي على حد سواء، أصبح المواطن العربي بعد ما يسمى الربيع العربي يحمل سياسة وخلفية واضحة وإدراك بأن الأوطان هي أغلى ما يملك ويجب المحافظة على أمنها واستقرارها..

دول الخليج وقفت ضد التواطؤ ونشر الفوضى في الشرق الأوسط الذي كانت تنتهجه أمريكا ورفضته رفضًا قاطعًا بحكمة قادتها ووعي مواطنيها ولله الحمد، وكانت من أكبر التحديات التي واجهتها دول الخليج، هيلاري كلينتون في مذكراتها كتبت رفض السعودية والإمارات تلك السياسة بشكل واضح، الوطن هو مسؤولية عظيمة في أعناق أبنائه مهما كان حجم التحديات والمؤامرات وهو الدرع الحصين بعد الله الذي يحفظ لنا الكرامة والحياة الجميلة التي يحلم بها الجميع..

زيارة الرئيس الأمريكي هي تعزيز للعلاقات الأمريكية السعودية على مدى ٨٠ عامًا، وأمريكا تبقى شريكًا رئيسيًا للسعودية على جميع الأصعدة، نعتز بحنكة وقيادة خادم الحرمين وسمو ولي عهده الأمين في إدارة الملفات الشائكة واستخدام سياسة النفس الطويل وبلورتها كما تقتضي المصلحة العامة، الشعب السعودي ولله الحمد ملتحم مع قيادته العظيمة كما تفتخر القيادة بهذا الشعب الوفي. وهنا تظهر مكانة السعودية العظمى مهبط الوحي وقبلة الملايين ومفاتيح العالم الإسلامي..