فالطقس ثابت وفي كل سنة ندرك أن حرارة الأجواء لدينا شديدة والعبارة المعتادة «عاد أنا ما أتحمل الحر»، ومنذ عقود نعرف أن أسعار العقار في تصاعد ليأتي إلينا ذلك المكتشف لأمر جديد «تدري سعر المتر في منطقة... كم وصل»، الأشخاص ذاتهم لو تغيب عنهم عشر سنوات وتعود إليهم بعد طول الغياب ستجد المواضيع ذاتها تملأ حيز الفراغ في محادثتهم.
تلك الإشكالية في سد رقعة فراغات الحديث هي تحد اتصالي يكون حاضرا حينما لا يكون هناك روابط وعلاقات قوية مشتركة بين المتحدثين فيما بينهم، فقد أتفهم أن تحدث تلك الأزمة الاتصالية حينما تكون مع أشخاص أغراب أو تكون حديث المعرفة بهم، ولكن أن يكون هذا النمط الاتصالي الدائم حتى مع المقربين فذلك يعني أنك تعيش في واقع تقليدية الاتصال.
وتدريجيا بسبب هذه الممارسات لجأ كثير من الأشخاص للانغماس في هاتفه المحمول والانعزال عن محيطه الموجود، فقد يوجد معهم جسدا ويغيب ذهنيا عنهم لأنه باختصار قد وجد ضالته في العالم الافتراضي المجنون المتسارع ذو القصص الغريبة والأحاديث المشوقة بأساليب تتنافر مع الاعتياد.
حتى وصلنا لمرحلة انتقال ذلك الوباء الاتصالي لشبكات التواصل الاجتماعي، فالملاحظ للمحتوى في فترة الأعياد مثلا فالتهاني المتبادلة والتعليقات المتكررة كل سنة على عيديات الأطفال وحلوى العيد التي تلقى خلف الكنب والآن مع أجواء الصيف هناك من يصور درجة الحرارة باستمرار والبعض ممن يذهب لزاوية ساخرة يضيف لصورته السابقة كوباً من الشاي أو القهوة الساخن وهذا يزيد من اشتعال تمللنا من ذلك الطرح المتكرر فالجميع يذهب باتجاه قبلة الاعتياد والتقليد وطرح المحتوى المكرر لا فكرة جديدة أو نمط مستحدث.
ذلك النمط في تقليدية حديث الناس واقعيا وافتراضيا قد ألقى بظلاله على كثير من الأمور فنجد أن هناك فئة كبيرة من الجهات اعتادت على التقليدية في تواصلها مع الجمهور سواء الداخلي أو الخارجي، فنجد أنهم اعتادوا على وضع «كليشة» ثابتة في عباراتهم التواصلية. مشكلتي شخصيا مع الممارسات التقليدية أنها تجوف الكلمات والأفعال من معانيها فنقول أشياء ونفعلها فقط لغرض القول والفعل.
أما الفنان والروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز فيقول: إن أول أعراض الشيخوخة هو بدء المرء بالتشابه مع أبيه. فكن مختلفا صاحب أسلوب خاص بك.