ذلك الخطاب الإقصائي النشاز كان من الممكن سماعه في فترات سابقة من عقود ولت وانطوت، حيث لا فرص ولا مكان للمرأة للتعبير عن ذاتها سوى في منزلها، بل حتى حينها تعتبر مقولة مزعجة، حيث يُحجّم دور المرأة فقط بالمطبخ وكأنها أداة. ولكن الآن من المستحيل تقبُّل هذه اللغة، فمن يستخدمها يجهل أو يتجاهل حجم النجاحات التي حققنها «شقائق الرجال» في شتى المجالات، وقدرتهن على ترجمة ذلك التمكين إلى نجاحات توشحت باسم الوطن، غير أن الزاوية المراد الحديث عنها، ليس إقصاء النساء والمشاركة في ديربي النسوية والذكورية، بل سيكون الحديث عن زاوية مختلفة تماما، تتمثل في ربط الذكور والإناث ببعض الممارسات بصورة نمطية تحرج من يتبناها.
فاليوم على سبيل المثال نجد أكثر المشاهير رواجا ومشاهدة هم أولئك الذكور المرتبطين بعالم الطهي والطبخ ونجحوا في الوصول لشرائح متعددة من الجماهير الذكورية تحديدا بفضل هذا المحتوى، مما يعطي دلالة على أن الذكور يهتمون بالمطبخ والطبخ وشؤونه.
وفي المقابل لم تعد الرياضات ومشاهدتها وممارستها مقتصرة على الذكور فهناك مدرج نسائي ضخم جدا متابع للساحة الرياضية بدقة، وعنصر جذب لشركات الإعلان، علاوة على الممارسات الرياضية النسائية، وها هي المملكة العربية السعودية على مشارف طلب استضافة بطولة كأس آسيا للسيدات 2026.
الأمر أوسع من كونه ممارسات صنفت في قوالب ذكور وإناث، بل للأسف ذهبنا لما هو أدق، المرتبط بالأذواق وكأن هناك أنواع سيارات أو من الألوان خصصت للذكور وأخرى للإناث، وكأنه من المحرمات الخروج من ذلك الإطار المحدد للألوان ومن يخرج عنه سيكون عرضة للتنمر، رغم أنه لا يوجد أي مرتكز يستند عليه في فرز الألوان حسب الجنس وما هي إلا عادة يخشون كسرها.
الأصوات الفنية هي الأخرى لم تسلم من هذه القوالب فقد تم تقسيم مستمعيها حسب الجنس، فهناك فنانون يقال إن جمهورهم ذكوري وآخرون جمهورهم كله إناث. ولا شك جميعكم تدركون اللعبة التسويقية التي يقدمها مروجو العطور، بتقسيم تلك الرائحة الزكية إلى ذكور وإناث لضمان أكبر قدر ممكن من المبيعات، ولطالما واجهنا أشخاصا كثر يعجبون بأحد العطور النسائية مثلا ويتحرج من شرائه، بحجة أنه عرف قبل أن ينوي الشراء أن رائحته نسائية.
الأذواق والهوايات والمواهب والرغبات يجب أن يقاتل المجتمع على ألا تقولب، ولا يضع لها لصقات محددة ولا قوالب للفرز.