قصة خلدت في أعماق التاريخ الأدبي، وقصيدة جذبت الخيال بأبياتها الإنسانية التي كشفت معدن الإنسان وجوهره.

أبيات شعر أطلقتها ليلى العفيفة مستنجدة بابن عمها البراق الذي كانت تحبه، وأنقذها من أسر العجم، ويتزوجها بعدها، ليتنافس الفنانون على إنتاج فيلم وأغنية تعبر عن قصتها والغناء بها.

شجاعة ليلى

ليلى بنت لكيز من بني ربيع، شاعرة عربية جاهلية، ونشأت في حجر أبيها، اشتهرت في التراث العربي، باسم «ليلى العفيفة»، وكانت آية في الجمال، دمِثة الأخلاق، وذاع صيتُها، بأنها تامة الحُسْن، كثيرة الأدب، ورزينة في التحّدث، وتقدّم لخطبتها كثيرون من رجالات العرب، وأصحاب الحسب، والنسب، منهم، عمرو بن ذي صهبان، ابن أحد ملوك اليمن، الذي كان يتردد عليه والدها، فيُجزِل عليه العطاء، ويُكرِمه بالهدايا ويُحسن وفادته، وضيافته، لكنها رفضت كل من تقدم لها.

قصيدة استنجاد

سمع أحد أمراء الساسانيين بأمرها، وطلب الزواج منها إلا أنها رفضته، ليقوم بأسرها وحملها إلى بلاد فارس، ظانا أن باستطاعته استمالتها بالمال، وتقديم ما يحلو لها لتقبل به لكنها رفضته وصدته، وآثرت قسوة العذاب، ما كان سببا في تسميتها العفيفة، واستنجدت بقصيدة ألا ليت للبراق عينًا، بابن عمها البراق بن روحان فارس بني ربيعة الذي كانت تحبه، ويحبها.

وكان البراق قد طلب ابنة عمه، فوافق العم ووعده بها، ومن بعدها سافر عم إلى اليمن وجلس مع ملكها، وبينما هم جالسون طلبها ملك اليمن منه لولده، فلم يستطع اللكيز أن يرفض طلبه، على الرغم من أنّه وعد البراق بأنّها سوف تكون زوجة له، وعندما عاد إلى دياره أخبر براق بذلك، فحاول البراق أن يثنيه عن قراره.

وخرجت ليلى إلى اليمن، وبينما هي في طريقها إلى اليمن قام بعض فرسان قبيلة إياد من عدنان بخطفها، وقاموا بإهدائها إلى أحد أبناء كسرى ملك الفرس كجارية، فوقع ابن كسرى في حبها من شدة جمالها، ولكنّها لم تحبه، فطلب منها الزواج، ولكنّها رفضته، فقام ابن الملك بتعذيبها عذابًا شديدًا حتى تقبل به، ولكنّها استمرت في رفضه.

وحتى هذه اللحظة لم يكن يعلم أبناء قبيلتها أنها تعرضت للاختطاف، وكانوا يعتقدون أنها وصلت إلى اليمن، وكان ملك اليمن يعتقد أنّها ما زالت في اليمن ولم تغادرها، في الوقت الذي كانت فيه في بلاد فارس تتعرض لأشد أنواع التعذيب.

والتقت ليلى يومًا براعي غنم حول القصر، فاتجهت نحوه، وسألته: هل أنت عربي؟، فأجابها بالموافقة، فقالت له: هل تعرف البراق بن روحان؟، فأجابها: ومن لا يعرفه، فقالت له: أريدك أن تنقل هذه القصيدة له، وأنشدته قصيدة ليت للبراق.

سباق فني

في عام 1938، حولت الفنانة والكاتبة بهيجة حافظ القصة إلى فيلم تحت عنوان «ليلى بنت الصحراء»، وكان الاتفاق أن يقوم الموسيقار محمد القصبجي على تلحين قصيدة «ليت للبراق عينا» على أن تغنيها في الفيلم الفنانة ليلى مراد، ولكن ليلى مراد اعتذرت عن الأغنية، فذهب الدور بالأغنية للمطربة حياة محمد التي غنتها وقامت بالدور وعرض الفيلم في السينما ونجح نجاحًا كبيرًا في أيام عرضه الأولى.

وسافر الفيلم للمشاركة في مهرجان برلين السينمائي ويعود ويرشح للعرض في مهرجان فينيسيا السينمائي، قبل أن يتم منعه مراعاة لاحتجاج شاه إيران الأسبق باعتبار أن الفيلم يسيء لكسرى.

بعد منع الفيلم، قدم محمد القصبجي الأغنية لأسمهان فغنتها وسجلتها على أسطوانة ولاقت رواجًا.

اختلف في ملحن الأغنية حيث ادعى الملحن والمطرب أحمد عبدالقادر أن اللحن له، لكن ما ثبت أن اللحن هو للقصبجي.

asf

ليت للبراق عينا

ليت للبراق عينا

فترى ما ألاقي من بلاء وعنا

يا كليبا وعقيلا إخوتي

يا جنيدا أسعدوني بالبكاء

عذبت أختكم يا ويلكم بعذاب النكر صبحا ومسا

غللوني، قيدوني، ضربوا العفة مني بالعصا

يكذب الأعجم ما يقربني ومعي بعض حشاشات الحيا

فاصطبار أو عزاء حسن كل نصر بعد ضر يرتجى

أصبحت ليلى تغل كفها مثل تغليل الملوك العظماء

وتقيد وتكبل جهرة

وتطالب بقبيحات الخنا

قل لعدنان هديتم شمروا لبني مبغوض تشمير الوفا

يا بني تغلب سيروا وانصروا

وذروا الغفلة عنكم والكرى

واحذروا العار على أعقابكم

وعليكم ما بقيتم في الدنا