قبل فترة كنا في إحدى المدن الغربية وكان يوم عطلة (ويكند) والجو جميل، والناس مجتمعون في منتصف المدينة، وكان هناك تجمع لبعض المعممين وخطبة في وسط الحديقة العامة للمدينة، إلى الآن يبدو الوضع عاديا، وكانت هناك الخطبة الدينية باللغة العربية وعالية الصوت، طبعا أغلب الغربيين لا يفهم عربي ولا يعرف ماذا يقول أو ما سبب الخطبة أو سبب هذا الصراخ والحماس ورفع الصوت، وميكرفون عالٍ جدا، ربما لا يفهمه إلا بضعة أشخاص من الموجودين أحضرهم المعمم معه من باب المؤازرة، لكن بالنسبة لنا كنا جالسين بالصدفة في الحديقة ونستمع! نحن شخصيا نؤمن بالحرية الدينية ولكل شخص حرية اعتقاده ما دامه لا يسيء للآخرين فما بالك إذا كان مسلما.

والمناسبات الدينية لا تكون للسب واللمز، لا أرى أي مانع أن تكون خطبهم عن ذكر ومحاسن ومآثر سيدنا الحسين رضي الله عنه، سيد شباب أهل الجنة، ولو خصص اليوم كله لمدح سيدنا الحسين وسيدنا علي كرم الله وجهه وآل بيت النبي الطاهرين الأبرار، لربما حتى نحن جلسنا نستمع لخطبته، لكن اللعن واللمز على الفئة الأخرى، وحتى لو يستطيع ذكرها بالاسم، وربما لأسباب قانونية في الغرب، ما دخلنا في حادثة حدثت قبل 1400 سنة وحتى أحفاد من ارتكبها لا نعلم منهم، إن تلمز وتلعن غالبية المسلمين لأسباب لا يعلمون عنها، لا يعقل أن تلعن فئة تصلي على محمد وآل محمد الطاهرين على الأقل خمس مرات في اليوم، وهل هناك دليل أكبر من ذلك على حبنا لآل البيت! أخلاق آل البيت واضحة ومعروفة وراقية ويروى أنه: جاء خبر موت يزيد بن معاوية للإمام السجّاد علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ‏(آخر الناجين من أبناء الحسين بمعركة الطّف بكربلاء 61 هـ) قال «ذلك رجل ذهب ليقابل ربّه» انظر العلو في الخلق والتعامل.

وانظر أيضا في مدح الفرزدق ألم يقل الفرزدق في مدح زين العابدين بن علي ما قال: لا قَطُّ، إلا في‌ تَشهُّدِه لولا التشَهُّد كانت لاؤهُ نَعَمُ...سهل الخليقة لا تخشى بوادره يزينه خصلتان: الحلم والكرم، انظر على علو وسمو أخلاق آل البيت.

الحين هذا المعمم متعب نفسه ورايح أو عايش أو مهاجر لدولة غربية و لا أحد تقريبا يفهم ما يقول، فقط لكي يلقي خطبة في متنزه أو حديقة عامة يسب ويلعن الفئة الثانية، ومجمع حوله بضع قليل من جماعته وعوائلهم ليسب الفئة الأخرى! ما الفائدة من ذلك!؟

أكتب عن الموضوع لأنه الملاحظ في السنوات الأخيرة كثرة وجود هذه التجمعات في المدن الغربية، ولم تكن هذه الظواهر تحدث سابقا، بل كانت العلاقة في الغربة ممتازة وصداقات وطيدة بين المسلمين بغض النظر عن المذهب، حتى أنه كان يقال: إن الغربة أذابت الخلافات المذهبية بين المسلمين، لكن مؤخراً بدأت تطفو على السطح بعض الفئات المدعومة من المتشددين أو من التيار المناصر لإيران (وكالعادة إيران لا تتدخل في مكان إلا وتخربه)، بدأت تدعم بعض التيارات المهاجرة في الغرب، ورأينا منذ بعض الوقت لهجة التشدد بعد أن كان التسامح ديدن أغلب المسلمين في كل طوائفهم ومذاهبهم في المهجر، وربما تريد إيران استخدام هذه الفئات لاحقا في الغرب ككروت للعب مع الغربيين، ولذلك تحاول تضخيم صوتهم مع أنهم فئة قليلة لكن ذات ضجيج.

على المسلمين بكل فئاتهم أن ينبذوا التطرف ولا يأخذوا ولا يدعموا العاهات الفكرية لدول المهجر.