في هذه الفترة من العام يتجدد اللقاء الثالث مع موسم الرياض الترفيهي بفعالياته؛ والترقب والشغف بجديده مستمر والمتابعة لبرامجه تزداد في إطار ما نشهده من جهود ضخمة وتحديث مستمر لنشاطاته المختلفة التي تكاد تستقطب مختلف الأذواق وتناسب مختلف الشرائح العمرية، الذي ضاعف من حجم التدفق السكاني إلى مدينة الرياض سواء من داخل المملكة أو خارجها، بما تمثله المدينة من مركز محوري للأعمال والإدارات العليا للجهات الحكومية والشركات الكبرى، علاوة على كونها وجهة مركزية رئيسة للاستفادة من مراكزها الصحية وإمكاناتها المتقدمة أو للدراسة في تخصصات مطلوبة في عدد من الجامعات المتوفرة أو لتحصيل دورات مهنية ومهارية متميزة، تُعزز من القدرات وتزيد من فرص تحصيل الوظائف المأمولة.

تتنوع الفعاليات وتتجدد مع كل موسم، بما يضيف زخماً ترفيهياً ومساحة مكانية مضافة للاستفادة من مخرجات الموسم ومحتواه الثري بالأنشطة الحية والجهود المكثفة، ليرسم صورة جديدة ومحدثة للترفيه المتطور والفعاليات الجاذبة بمختلف محتواها الثقافي والترفيهي إذ يحمل الترفيه في مضمونه محتوى ثقافيا متنوعا يعكس ثقافات دول وعادات شعوب وتجارب متنوعة، تسهم في بناء جسور أواصر التواصل الاجتماعي بين الأمم، وبما يساعد على الاندماج بين فئات السكان المختلفة في بيئاتها وثقافاتها المتقاربة أحيانا والمتباينة أحيانا أخرى، إذ يعزز الترفيه من فرص التنمية المستهدفة والمستدامة نحو جودة الحياة وتحسين بيئتها وتوفير متطلباتها.

يتيح الترفيه إمكانية ممارسة أو مشاهدة أو حضور كثير من الفعاليات وأنت في الوطن دون الحاجة إلى السفر بما يحملك نفقات مضاعفة أحياناً، فيهيئ الترفيه للمواطن إمكانية التعايش والاطلاع على ممارسات متنوعة من النشاطات المبدعة المبتكرة وغيرها.

برامج الترفيه المتنوعة تُسهم في تنمية المهارات والقدرات وتعمل على صقلها بجودة عالية في المجالات المختلفة التي تناسبها بالممارسة والتطبيق، جميع النشاطات المتضمنة للترفيه والمصاحبة له في فعالياته؛ توفر آلاف الوظائف للمواطنين سواء الموسمية منها أو الدائمة، وذلك يُسهم في تحقيق تنمية اجتماعية ونمو اقتصادي إيجابي في مواقع الترفيه المنشأة والذي ينعكس على زيادة في نسبة دعم الإنتاج المحلي من الموارد غير النفطية.

زيادة مساهمة مواردنا غير النفطية في إنتاجنا المحلي، من أحد أهم مستهدفاتنا التنموية في رؤية 2030، لأن تعزيز إمكانية الموارد المحلية وتنشيطها هو دعم للدخل الوطني الذي يشكل ميزانيتنا الوطنية ويحقق رفاهنا الاجتماعي ونمونا الاقتصادي، ويعني زيادة في الاستفادة من مواردنا الإنتاجية المتاحة سواء من مواردنا البشرية أو مواردنا الأخرى المتنوعة بآثارها الفعالة، وبه تنشط السياحة الداخلية والخارجية نحو المملكة، وذلك ما تؤكده الأرقام والإحصاءات المعلنة حول ذلك ويصب ذلك جميعه في التنمية المستدامة لجميع مواردنا الطبيعية والمادية والبشرية التي تشكل ذلك الكيان الوطني الذي ننتمي إليه ونعتز برفعته وريادته في مختلف المجالات.

لا شك أن الرياض كعاصمة للمملكة تتمتع ببنية تحتية كبيرة وجاهزية في كثير إمكاناتها في رقعتها المكانية، والذي يمكنها من احتواء هذا الكم الكبير من التدفق السكاني والنشاطات المقامة فيها بأوجهها المتنوعة المجالات والأهداف؛ وعليه أصبحت الرياض مركزاً يلتقي فيها السكان من جميع المناطق للعمل بها أو للاستفادة من خدماتها وفعالياتها المتاحة للجميع من كل حدب وصوب؛

ازدحام الطرق وصعوبة الانتقال ما بين الأحياء من جهة ومواقع الأعمال أو الخدمات المستهدفة، أصبحت ظاهرة واضحة في ظل تلك الأهمية التي تمثلها المدينة، بخاصة مع زيادة قيادة النساء للسيارات وخروجهن للأعمال أو الدراسة، الذي زاد من عدد السيارات الخاصة بكل بيت، علاوة على السيارات القادمة إلى المنطقة بصفة مؤقتة أو المستأجرة في المواسم وغيرها، وذلك يدعو إلى سرعة توفير وسائل النقل العام السريع داخل المدينة ليربط جميع أطرافها، ليكون وسيلة يعتمد عليها السكان في تنقلاتهم بدلاً من السيارات التي يتضاعف عددها مع السنوات.

تنوع برامج الترفيه وتعددها مع ضخامة تكاليفها في إطار إدارتها المتميزة ونشاطها المنافس على مستوى العالم، يدعونا إلى التساؤل: لماذا لا تكون بعض هذه الفعاليات دائمة وليست موسمية؟ وبذلك توفر ترفيها مستمرا طوال العام ووظائف دائمة للمواطنين وتكاليف مستدامة في الإنشاء وتخفيف من الضغط على المرور والسكن للقادمين من خارج المدينة، هذا إضافة إلى الحاجة المستمرة لوجود بعض الفعاليات بشكل دائم، ومن جانب آخر السؤال: لماذا لا تخفض رسوم الفعاليات المرتفعة في مبالغها؟ لتستطيع أكبر شريحة من الناس الاستمتاع بها والاستفادة من أهدافها المقصودة في رفع مستوى الذوق العام وتحصيل جودة الحياة والتمكين من الاستمتاع بوجودها في وطنهم.

استدامة بعض برامج الترفيه يعني استمرارية كثير من النشاطات والفعاليات المصاحبة للموسم الترفيهي، بما يعني وظائف مستمرة ودخلا دائما وتحسنا في مستوى معيشة كثير من شرائح المجتمع التي تستفيد من تلك البرامج في مواسمها، كما يعني مزيدا من الانتعاش الاقتصادي وتعزيزا لممكنات التنمية الاجتماعية وتوفيرا لوسائل الدعم الاجتماعي للمواطنين بمؤهلاتهم المختلفة والمتباينة، وفيه تشجيع وتحفيز على ريادة الأعمال والانخراط في تجارب سوق العمل بالتعلم الميداني والتدريب الذاتي.