«أنت وحظك».

عبارة شغلت الكثيرين بعد أن تم تداولها في مقطع فيديو يتم خلاله بيع طرود بريدية بما تحتويه بسعر 50 ريالا لكل طرد، لكن دون معرفة الزبون بما يحتويه الطرد.

وتساءل كثيرون عن مدى شرعية البيع على المجهول، حيث يشتري الزبون طردا لا يعرف ما هي محتوياته، وما إن كانت تلك الطرود تحمل أي بيانات شخصية تشير إلى مرسلها أو من كان يفترض به استقبالها مثل أرقام الهواتف الشخصية أو العناوين أو غيرها من البيانات.

المراسلات مصونة

شدد مؤسس مجموعة العدالة للمحاماة والاستشارات، المحامي هشام الفرج على أن النظام الأساسي للحكم، وهو أعلى الأنظمة مرتبة في المملكة العربية السعودية، تضمن في المادة الأربعين منه أن المراسلات البريدية مصونة ولا يجوز الاطلاع عليها إلا في الحالات الاستثنائية الضيقة التي تبينها الأنظمة، مشيرا إلى أنه لا يجوز أن تحوى تلك الطرود التي يتم بيعها على أي بيانات شخصية تتعلق بمرسليها أو مستقبليها، وقال «تتضح أهداف نظام البريد الصادر بموجب المرسوم الملكي الكريم لمولاي خادم الحرمين الشريفين برقم م/22 بتاريخ 1443/03/08 والتي من أهمها الحفاظ على سرية المواد البريدية استنادا للمادة الثانية من النظام».

وبين أن «المادة الـ26 من نفس النظام تؤكد على التزام مقدم الخدمة بالمحافظة التامة على سرية البيانات الشخصية للمستفيدين».

وقال «شددت اللائحة التنفيذية لنظام البريد على خصوصية بيانات العملاء وعدم انتهاكها».

إجازة البيع

ردا على شروط جواز بيع المادة البريدية، قال «هناك عدة شروط لا بد من توفرها لجواز بيع المادة البريدية، من أهمها:

1- حفظها لمدة 90 يوما في مستودعات مقدم خدمة النقل البريدي.

2- السعي للوصول إلى المرسل أو المرسل إليه؛ لاستلام المادة البريدية أو استيفاء أجرها.

3- الإعلان عن المادة البريدية وفقا للطريقة التي تحددها الهيئة للاستدلال على المستفيد، مع مراعاة سرية البيانات البريدية.

واستثنى من ذلك عدم جواز بيع الطرود التي تحمل بيانات الأشخاص، وقال «إلا أنه لا يجوز نظاما بيع طرود بريدية عليها بيانات الأشخاص الشخصية وعناوينهم وأرقام تواصلهم التزاما بخصوصية المستفيدين».

بيع المجهول

لجهة الشرع، استقرت الشريعة الإسلامية والقضاء على بطلان البيع المجهول للغرر، فلا يجوز شراء صندوق مغلق دون معرفة محتواه، وبيع الغرر محرم وباطل؛ حيث نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.

وكان الشيخ عبدالعزيز بن باز ــ رحمه الله ــ قد سئل «نعرض على أنظار سماحتكم ما يباع في بعض الأسواق التجارية، وهي عبارة عن صندوق صغير بقيمة (ريال واحد) وبداخله شيء مجهول، قد تربو قيمته على الريال وقد تنقص، ما حكم شراء هذا الصندوق مع جهلي بما يحويه؟ وهل هذا البيع صحيح أم لا يجوز؟.

الجواب: شراء هذا الصندوق لا يجوز، لأن شراءه من الغرر، وقد نهى النبي صلى الله عليم وسلم عن بيع الغرر».

العين الغائبة

بدوره، ذكر المحامي عبدالكريم القاضي، أنه يجوز بيع العين الغائبة من غير رؤية ولا وصف، فإذا رآها المشتري كان له الخيار فإن شاء أنفذ البيع، وإن شاء رده، وكذلك المبيع على الصفة يثبت فيه خيار الرؤية، وإن جاء على الصفة التي عينها البائع هذا على جواز بيع الغائب على الصفة إذا كانت غيبته مما يؤمن أن تتغير فيه صفته قبل القبض.

فإذا جاء على الصفة المذكورة كان البيع لازما، إذ إن هذا من الغرر اليسير، والصفة تنوب عن المعاينة بسبب غيبة المبيع، أو المشقة التي تحصل في إظهاره، وما قد يلحقه من الفساد بتكرار الظهور والنشر مثلا، وإن خالف الصفة المتفق عليها فللمشتري الخيار، هذا على بعض الخلاف في الوجه الآخر برفضه ورده.

واستدرك «لكن المعمول به نظاما هو جواز بيع الأشياء المصادرة إطلاقا عبر المزادات المعروفة».

شروط صحة

يشترط شرعا لصحة البيع العلم بالمبيع، وذلك إما بالرؤية، أو بالوصف المزيل للجهالة.

ومن شروط صحة البيع أن يكون المبيع والثمن معلومين علما يمنع من المنازعة، ولا بد لمعرفة المبيع من أن يكون معلوما بالنسبة للمشتري بالجنس والنوع والمقدار، فإذا كان المبيع غائبا عن المجلس، ولم تتم معرفة المبيع برؤيته أو الإشارة إليه على ما سبق، فإنها تتم بالوصف الذي يميزه عن غيره، مع بيان مقداره.

وذهب بعض أهل العلم إلى صحة بيع الغائب من غير صفة، ويكون مشتريه بالخيار إذا رآه، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد، ورجحه الشيخ ابن عثيمين.