كثيرًا ما يكتسب الكلام قيمة معنوية خاصة، منشؤها، قائلها. تتداول بعض الجمل والاقتباسات وتذيل بأسماء قائليها وعند التدقيق في محتواها تجدها ملاحظات عادية أو تجارب طبيعية بسيطة أو حتى مجرد رأي شخصي. لكنه مع ذلك يتداول لتأثيره في الناس، والحقيقة هنا أن العقل مهيأ سلفًا لاستقبال ما يصدر عن أشخاص معتبرين لهم صورة ذهنية خاصة لدينا كالفلاسفة والسياسيين والأدباء والشعراء وغيرهم. فيشيد على ذلك مباني معنوية أكبر من الكلمات، ثم يؤدي تكرار التناقل إلى تأكيد صوابه وترسيخ مضامينه وربما محاولة محاكاته من آخرين.

هذه الطبيعة الإنسانية الفردية ينبغي أن توضع في مجال الفحص والتدقيق عند تناول أي موقف يستلزم الحكم ويتبعه تأثيرات معينة. ففصل سياق الكلمة اللغوي عن السياق المعنوي باختلاف أنواعه أمر مهم عند التحليل. لأننا كبشر نريد أن نفهم لماذا قيلت تلك العبارات ولأي مصلحة وفي أي سياق. إن قراءة السياق للكلمات والعبارات وارتباطها بالشخوص ضروري لفهم ما وراء العبارات من مبانٍ معنوية مشيدة تذهب بك إلى طريق آخر من الفهم والإدراك. كما أن فصل الحديث ومضامينه عن شخص قائله يؤدي بنا في بعض الأحوال لتعميم مواقف خاطئة، ويخرج الحديث عن توجهه المطلوب.

ومن ناحية أخرى فإن صناعة ودعم المؤثرين بالمعرفة والثقافة من شأنه أن يصنع مستودع أفكار تؤثر في توجيه المجتمعات، وتصبح جزءًا من زخم التفاعل الثقافي البشري المنطوق.