الإنسان دائمًا في حالة بحث عن ذاته ومميزاتها وعيوبها ورغباتها طوال عمره، حتى يموت، وعلى أمل أن يجدها، ويعتقد أنه قريب بإيهام يتلقاه من المجتمع أو جماعة تطوير الذات أو أهل العلم المحترمين من متخصصي علم النفس، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة، وسأشرح رأيي بصراحة لن يجرؤ عليها بائعو الوهم أو قائدو الأدلجة الفكرية.

البشر متطابقون في الإمكانيات والتفاصيل، لكن اختلافهم يحدث تحت تأثير بيئته المحيطة به وهو في طور التشكل، تأثير هذه البيئة ليس متماثلا بين أفرادها، لذا يستغرب البعض اختلاف شخصيات الأبناء في البيت الواحد للوالدين نفسيهما، وطريقة التربية ونمط الحياة، ويفسرون ذلك بأن كل إنسان لديه شخصية مختلفة (فروق فردية) تولد معه تبرز وتخفت حسب بيئته، وهذا غير واقعي تمامًا. كل إنسان له خط زمني وأحداث مختلفة في أغلبها حتى وإن كانت متشابهة، الإنسان يتشكل نتيجة مشكلاته التي لا تتطابق مع مشكلات أخيه، تختلف في حدتها وتفاصيلها ووقتها، وإن تطابقت تفاصيل الأحداث كوفاة أحد الوالدين وترى اختلافًا في رد فعل الأبناء. التفسير يعود لعمر الابن وتجاربه الخاصة ومستوى وعيه، لذا سيبقى الاختلاف، إذًا هل فعلًا أن الإنسان لديه «ذات» مُتشكلة أصلًا وقد ولدت معه ولكن الوصول إليها صعب؟، للأسف أن الحقيقة لا.

أنت كإنسان سليم البدن يمكنك أن تكون كما ترغب أن تصبح عليه، الأمر يتعلق بداخلك ونظرتك لنفسك، والدليل على ذلك وجود أفراد عاشوا في بيئة فقيرة قد كسروا حاجز الفقر وأصبحوا فاحشي الثراء، لا أتحدث عن الطرق التي اتخذوها؛ إنما أتكلم أنه لم يقبل وضعه الذي وجد نفسه عليه فقرر التغيير، آمن بأنه قادر وحاول مرارًا وتكرارًا، فكل قصة نجاح تتحقق بعد عدد هائل من المحاولات التي لم تكتمل أو فشلت، كل شخصية فرد تراها هي انعكاس لنظرته لنفسه، وعليه تتشكل طريقة تفكيره في اتخاذ القرار أو اختيار المصير الذي يعتقد أنه قدره، وسيحدث كما يعتقد تمامًا.

هنا يجب أن أنوّه بأن الاعتقاد يختلف كليًا عن التمني، بمعنى.. الجميع يتمنى أن يصبح ثريًا أو ناجحًا، وقلة منهم من ينجح في تحقيق ذلك! لأن الأغلب اكتفى بالتمني والرجاء، لكن القلة الناجحون هم من آمنوا أنهم كذلك، فتشكلت عقولهم وطريقة تفكيرهم في اتخاذ قراراتهم بناءً على اعتقادهم ونظرتهم لذواتهم.

أخيرًا.. اعتقادك ونظرتك لذاتك، هي قدرك ومصيرك، هل تراه الآن؟