أصدر مؤخرًا وزير العدل رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمحامين قراره بإعادة تشكيل لجنة حماية مهنة المحاماة، وجاء هذا القرار لمتابعة ورصد المخالفات التي تُرتكب بما يُخالف نظام المحاماة لتعزيز دور المحاماة في المجتمع وحماية مواردها وتفعيل الرقابة للحد من الممارسات والسلوكيات التي تُلحق الضرر بالمجتمع وبالمهنة.

ولكن واقع الحال وما نشاهده ونستمع إليه سواءً في وسائل الإعلام المرئية أو حتى وسائل التواصل الاجتماعي من انتشار لتقديم الاستشارات القانونية ونشر للأحكام القضائية، بأن أصبحت محتوى يقدمه المحامون المرخصون في وسائل التواصل الاجتماعي؛ مما يهدم صيانة سرية المعلومات والبيانات، ويهدم الثقة الاجتماعية في المحامي، بل وأصبح بعض المحامين في سبيل الإعلان لأنفسهم، يخالفون العديد من قواعد السلوك المهني دون التزام بالقانون، وهذا النمط المنتشر جاء من منطلق من أمن العقوبة أساء الأدب.

شاهدنا عدم التزام وسائل الإعلام المرئية من جدية التحقق من صحة انتساب من يستضافون عبر شاشاتها لمهنة المحاماة، بل ووجدنا من اتصف بوصف المحامي وهو لم يحصل على ترخيص لمزاولة المهنة، وفي المقابل لم يكن هنالك دور ملموس من قبل لجنة حماية المهنة للوقوف على مثل هذه الحالات، وبرغم وجود كل الإمكانيات المهيئة لمتابعة ورصد مثل هذه الجرائم، ولكن للأسف لا يوجد مبرر لعدم اتخاذ ما يلزم اتخاذه قانونًا.

ولكون الرقابة على مثل هذه الحالات تتطلب شفافية للحد من هذه الممارسات والجرائم، فإن الهيئة السعودية للمحامين تنشر تقارير شهرية وربع سنوية تتضمن عدد البلاغات الواردة لها، والمتعلقة ببلاغات الانتحال لصفة المحامي، وكذلك عدد الشكاوى التي تتعلق بمخالفة نظام المحاماة وقواعد السلوك المهني، ولكن هذه التقارير يعتريها القصور في عدم إيضاح للمجتمع كافة - لأهمية المهنة اجتماعيًا واقتصاديًا-ما آلت إليه هذه البلاغات والشكاوى، حتى تكون هنالك شفافية لمراقبة أداء اللجنة وتصحيح الانطباع السلبي عن أدائها، وزرع الطمأنينة لدى المجتمع بشكل عام؛ بسبب أن الممارسات التي تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي لا تتناسب مع الإحصائيات المنشورة ومدى جدية رصد الجرائم والمخالفات لنظام المحاماة وقواعد السلوك المهني.

مهنة المحاماة تعاني معاناة لا يمكن أن تكون بهذا الشكل في ظل ممكنات وقدرات هائلة لأن تكون في مكانتها الطبيعية؛ وبالتالي تطوير كل ما يتعلق بها وبمكتسباتها.