بعد نشاط كبير للإرهابيين في شمال إفريقيا، مالوا إلى هدوء ملحوظ، يرصده هارون ي. زيلين الذي يبحث في الجماعات الإرهابية في شمال إفريقيا وسوريا، ويؤكد أن هذا النشاط همد بشدة. وكانت تونس وليبيا بؤرتا التعبئة الإرهابية منذ 2011، ولكن بعد أكثر من عقد، ساد هدوء نسبي في البلدين والمنطقة على هذا الجانب. وبلغت ذروتها في شمال إفريقيا بين 2011 و2016 حيث تأسست هناك عدد من جماعات «أنصار الشريعة»، التي كانت واجهات لتنظيم القاعدة ثم داعش.

تجنيد علني

عقب اندلاع الانتفاضات العربية وجدت جماعة «أنصار الشريعة» في ليبيا نفسها في خضم حرب أهلية، وشاركت في نشاط المتمردين ضد أعدائها. كما وفرت القدرة على التجنيد العلني. في سوريا، حيث سيطرت «جبهة النصرة»، التابعة لتنظيم «القاعدة» ولاحقًا لداعش، وفرت الإرهابية تعبئة واسعة النطاق للمقاتلين الأجانب، حيث شهدت تونس، تعبئة غير مسبوقة إلى سوريا بين 2012 و2017. شاركت المجموعتان في هجمات ضد المصالح الأمريكية، وأدت طبيعتهما العنيفة ورغبتهما في زرع الخوف والاضطرابات، إلى مواجهة حتمية مع أمريكا. وشكل الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي والهجوم الأقل شهرة على السفارة الأمريكية في تونس سبتمبر 2012 مثالين على ذلك، وأفضيا إلى زيادة الجهود للقضاء على المنظمتين. ونتيجة للضغوط المحلية، شهدت المنطقة ارتفاعًا في عدد المقاتلين الذين توجهوا إلى سوريا.

في هذا الوقت تقريبًا، بدأ «داعش» حشد الدعم، فتم استدعاء المقاتلين الليبيين والتونسيين الذين أُرسلوا إلى سوريا لإقامة الخلافة في ليبيا، حيث سيطر تنظيم «داعش» في نهاية المطاف على رقعة من الأراضي في شمال وسط ليبيا لمدة عامين تقريبًا. وفرت هذه الرقعة منصة للتونسيين لتخطيط وتنفيذ عمليات واسعة النطاق من الخارج في بلدهم، أبرزها الهجوم على متحف باردو في مارس 2015، والهجوم على شاطئ سوسة في يونيو 2015. وردًا على نمو تنظيم «داعش» محليًا في ليبيا وحملته الإرهابية في تونس المجاورة، استهدفت أمريكا وحلفاءها التنظيم في ليبيا وطردوه من أراضيها بحلول ديسمبر 2016. ومنذ ذلك الحين، لم يتعاف التنظيم. وعلى نحو مماثل، بدأ مستوى العنف في تونس بالانخفاض نتيجة الجهود المتضافرة لمكافحة الإرهاب والتمرد، إلى درجة أن تنظيم «داعش» ما عاد يشكل قلقا للمواطن التونسي العادي بحلول 2019.

خفوت النشاط

حاليا، وفي شمال إفريقيا لم يعد لتنظيم «القاعدة» وجود نشط، فلم تعلن «كتيبة عقبة بن نافع» التابعة لفرع تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» في تونس مسؤوليتها عن أي هجوم منذ أبريل 2019، كما تعثرت أنشطة داعش في المنطقة ككل. وبصرف النظر عن الهجمات القليلة البارزة والحملة الإرهابية المنخفضة المستوى في الجزائر بين 2014 و2020، فإن الصورة قاتمة أيضًا لداعش في ليبيا وتونس اللتين كانتا ذات يوم معقلين موثوقين للحركة.

تفكك داعش

في أعقاب التفكك الإقليمي لداعش في ليبيا ديسمبر 2016، لجأ التنظيم إلى العمل السري، وبقي خامدًا نسبيًا في 2017، وذلك نتيجة الضربات الجوية الأمريكية التي استهدفت معسكراته خارج سرت. في 2017 أعلن داعش في ليبيا مسؤوليته عن 4 هجمات فقط، وكانت هذه هجمات مرتجلة، لكن وتيرة الهجمات بدأت تزداد في فبراير 2018، عندما قرر التنظيم، أن الوقت قد حان للخروج من الظل وتجديد تمرده.

وفي ديسمبر 2018 نفذت الجماعة هجمات في كثير من المناطق.

في أغسطس 2018 بدأ تنظيم داعش في ليبيا إقامة نقاط التفتيش على الطريق بين أجدابيا وجالو، ثم في أكتوبر زعم أنه استولى على بلدة الفقهاء لبضع ساعات.

11 هجوما

توقف زخم داعش ديسمبر 2018 في ليبيا حيث انتقل إلى حقل الهروج البركاني وبدأ العمل مرة أخرى في أبريل 2019، ونفذ 11 هجومًا في الأسابيع التالية، لكن هذه الهجمات انتهت عندما عثر «الجيش الوطني الليبي» على أحدث قاعدة لعمليات داعش في ليبيا منتصف يونيو 2019. ومنذ ذلك الحين، أصبح نشاط التنظيم محدودًا للغاية، وصارت العمليات العسكرية الفعلية بين عامي 2020 و2022 ضئيلة وعديمة الأهمية.

تفكيك بطيء

في تونس، فككت الحكومة ببطء قدرات الجماعة في أعقاب محاولة داعش الاستيلاء على مدينة بنقردان بالقرب من الحدود مع ليبيا مارس 2016. ولم يتبنَّ «داعش» أي هجوم في تونس منذ فبراير 2021.

في عام 2017 شنت المجموعات الإرهابية 47 هجومًا في تونس، لكن عدد الهجمات انخفص إلى 4 في 2022، ولم تنسب هذه الهجمات الأربعة إلى أي جماعة.

المستقبل

مع الاعتراف بتراجع التنظيمات الجهادية بشكل علني، يمكن القول إن بعض الأفراد ما زالوا مهتمين بالتخطيط لهجمات محلية ومحاولة الانضمام إلى منظمات إرهابية أجنبية في الخارج، حتى لو كانت هذه الجهود لا تشكل نوعًا من الحملة المنسقة التي شوهدت في الأعوام السابقة.

ابتداءً من 22 مايو 2023، نفذت الجزائر 25 حالة اعتقال تتعلق بالإرهاب، ونفذ المغرب 7 اعتقالات، وتونس 56 اعتقالًا. وهناك حاليًا مئات المحتجزين من الرجال والنساء والأطفال من دول شمال إفريقيا من الذين انتموا سابقًا إلى داعش، سواء في السجون أو مخيمات النازحين داخليًا في شمال شرق سوريا. ومن دون آليات مناسبة لإعادتهم إلى أوطانهم وإعادة تأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع في المستقبل، يمكن أن يشكلوا معضلات أمنية جديدة وتهديدات لدول شمال إفريقيا. لذلك، حتى لو كانت الجهادية في شمال إفريقيا قد وصلت على الأرجح إلى أدنى مستوى لها من النشاط منذ بعض الوقت، من الضروري إبقاء التركيز على هذه القضية لأن أي ديناميات متغيرة يمكن أن تغير مستوى التهديد الذي تشكله على المنطقة ككل وعلى السكان المحليين أيضًا.

هجمات داعشية في شمال إفريقيا

في ليبيا

2017 : 4 هجمات

2018 : هجمات في كثير من المناطق الليبية

نقاط التفتيش لداعش على الطريق بين أجدابيا وجالو

الاستيلاء على بلدة الفقهاء لبضع ساعات

2020 و2022 : هجمات لا تذكر، ضئيلة وعديمة الأهمية

تونس

2017: 47 هجوما

2021 : بلا هجمات

2022 : 4 هجمات

اعتقالات طالت الإرهابيين في شمال إفريقيا "منذ 22 مايو 2023"

تونس: 56 اعتقال

الجزائر: 25 حالة اعتقال

المغرب: 7 اعتقالات