فقدنا فجر الأربعاء قبل الماضي، العم أحمد عبدالعزيز السليمان الحمدان، المستشار المالي الشهير والقدير، ابن عنيزة ومكة وجدة، وأحد أبرز نبلاء الوطن والمؤثرين في القطاع المالي والمجتمعي والخيري، رحمه الله رحمة واسعة.

العم أحمد عانى قبل ولادته، وبعدها، وانتقل مبكرا من مسقط رأسه بمدينة «الخبرا»، إحدى أقدم مدن منطقة القصيم، ليقيم مع جدته الفاضلة «نورة الناصر الصايغ» في مكة المكرمة، في منزل متواضع جدا، سماه رحمه الله «صندقة»، مصنوع من «الزنك»، في «شعب أبي دب»، المعروف بـ«دحلة الجن» قبالة مقبرة «المعلاة»، والتابعة لحي «شعب عامر»، تحفه دعوات جدته وتوجيهاتها، وتحيطه عناية أخويه «سليمان» و«محمد»، جعلت منه طفلا طموحا، وشابا يهوى الإنجاز والتنافس، ورجلا بارا بمن حوله، عطوفا على الجميع، صادقا مخلصا في الوظائف والمناصب التي تشرف بها في خدمة بلاده في وزارة المالية وغيرها، وأهمها «ممثل مالي» لعدد من الوزارات والإدارات الحكومية بالرياض، وبمنطقة مكة المكرمة، حتى وصل إلى مرتبة «وكيل وزارة مساعد». شهد له الجميع بإتقانه دور الإشراف على عمليات الإيراد والصرف، والتثبت من أنها تسير طبقا للنظم المقررة، وليس فيها ما يخالف التعليمات واللوائح، مقرين له بأمانته في كل «تأشيرة» منه، لا يمكن أن يتم الارتباط بالصرف إلا بها، سواء كان بأوامر دفع، أو من الصندوق.

العم الراحل، صاحب الصوت الجهوري الجميل، واللهجة التجميعية اللطيفة، عضو فاعل ومؤثر في مؤسسات وجمعيات وهيئات خيرية متعددة، وأخص بالذكر هنا عشقه البحث عن المحتاجين، والوقوف معهم. ومن القصص الشخصية التي عرفتني عليه - رحمه الله - عن قرب، قصة مضى عليها قرابة 4 سنوات، وتدخله القوي للعفو، في حادثة طعن مؤلمة أدت لوفاة المجني عليه، كنت أحد الأطراف في اللجنة الساعية في ذلك، وكان يكلمني باستمرار، وفي كل مكالمة يشعرني وكأنه «ولي الجاني»، وأن ما يريده «أولياء الدم» مجاب، وكان ذلك بالتحديد في 1441/06/05.

العم أحمد، من الأوفياء، ومن أصحاب الأيادي البيضاء، ومن نعم الله عليه إكرامه له بالصدارة والوجاهة والحضور، والتوفيق والقبول، وشهادة الناس له بالخير، وكلها بشارات ضمنها له ولأمثاله، سيد البشر صلى الله عليه وسلم، عن ربه عز وجل، كما في الحديث الذي أخرجه ابن ماجه وغيره؛ قال صلوات ربي وسلامه عليه: «أهلُ الجنَّةِ من ملأ أذنَيْه من ثناءِ النَّاسِ خيرًا وهو يسمعُ، وأهلُ النَّارِ من ملأ أذنَيْه من ثناءِ النَّاسِ شرًّا وهو يسمعُ». وأختم بأسرار مفاتيح حياة أحمد الحمدان، التي جعلته مبتسما لها، سعيدا فيها، ومكنته من تجاوز متاعبها ومعاناتها المختلفة، وكما كان يردد بنفسه: «الحياة تمشي مع الحركة لا السكون.. كل حركة فيها بركة.. المهم في العمل الذي يرجى نجاحه أن يتوج بالصدق.. الكذب حباله قصيرة.. الفضل من الله تعالى، والالتجاء له سبحانه والإيمان بأنه الرازق والمانع والمعطي مع الصبر باب السعادة».. رحم الله العم أحمد الحمدان، والعزاء فيه واحد، وعظم الله الأجور فيه، وأخلفه في عقبه وفي الجميع بخير.. آمين.