يشعر الإنسان أن السنوات الأولى من عمره كانت أطول، وأن السنوات تقصر كلما تقدم به العمر، وهذه ظاهره يشعر بها الجميع تقريبا، وقد ذهب الدارسون لهذه الظاهرة في طرائق قدد، وكل تفسير من هذه التفاسير يواجهه كثير من الطعون والشكوك فالبعض يفسر ذلك بأن الإنسان بعد أن يستقر، وتصبح حياته خاضعة لرتابة معينة تتشابه الأيام، وتبدو أقصر. وذهب البعض إلى أن قياس الوقت بالنسبة إلى العمر هو ما يجعل الصغير يشعر أن الزمن أطول، بمعنى أن الطفل ذا الخمس سنوات تساوي السنة عنده خُمس العمر ثم عندما يصبح عشر سنوات تصبح السنة عُشر العمر، وهكذا تستمر في النقصان.

والبعض يظن أن الشخص الكبير لم يعد دماغه قادرا على معالجة كل التفاصيل التي يمر بها في يومه مثلما يفعل الصغير، وهذا ما يجعل الوقت عند الصغير أطول.

والمقام لا يتسع لذكر جميع محاولات التفسير مثل سرعة نبضات قلب الصغير أو التمثيل الغذائي أو كمية معالجة المعلومات... إلخ.

وبالتالي أتت النصائح للتعامل مع هذه الظاهرة بناء على فهم كل فريق للمشكلة فالبعض ينصح بكسر الروتين اليومي؛ اعتقادا منهم أن ذلك سيجعل الوقت أطول والبعض ينصح بتطوير عادة التركيز على التفاصيل ظنا منهم أن هذا يحل المشكلة والبعض ينصح بإعادة النظر للزمن بحيث لا يقيسه نسبة إلى العمر، ولكن ليس هناك تأكيد على أن أيا من هذه النصائح تنجح.

ثم إن هناك من ينظر إلى الموضوع بطريقة مختلفة تماما ويقول إن الأوقات الجميلة هي في الحقيقة أقصر من الأوقات الصعبة فسرعة العمر دليل على النعمة وليس العكس،

وبغض النظر عن هذا كله فالجميع تقريبا يتفقون على أن الإنسان يشعر بتسارع الوقت كلما تقدم في العمر، وهذا شيء أثبتته كثير من الاستبيانات التي قام بها علماء النفس لدراسة هذه الظاهرة،

وقد يكون من أجمل ما قيل في هذا الموضوع ما قاله الشيخ الرئيس أبو علي ابن سينا - وهو الذي ناقش مسألة الزمن بشكل كامل نقاشا فلسفيا عميقا وهي إحدى كبرى معضلات الوجود - والقول الجميل المنسوب إليه بهذا الخصوص هو دعاؤه لنفسه بأن يرزقه الله العمر (العريض)، ولم يقل الطويل.

فالإنسان سينقضي عمره سريعا مهما كانت عدد السنوات التي عاشها، والمهم هو ماذا عمل فيها؟ ويصبح عرض العمر هو العمل الذي تركه الإنسان في مجتمعه الكبير أو الصغير.

فإسهام الإنسان بإصلاح واقع الناس أهم بكثير من زيادة عدد سنوات فارغة مهما طالت فهي في الأخير سوف تذهب إلى العدم وكأنها يوم واحد.

اليوم عندما يتذكر الناس من رحلوا لا يذكرون كم عدد السنوات التي عاشوها إنما يذكرون ماذا تركوا.

وبالتالي المساهمة بفعل خير، ولو بكلمة، ومهما بدا الفعل صغيرا فإنه هو ما يجعل للعمر قيمة.