كرست المملكة العربية السعودية دورها المحوري على النطاق العالمي والإقليمي، وكانت قبلة الأنظار وهي تستضيف جملة من القمم وتجري مجموعة مكثفة من المباحثات والحوارات والاتصالات مع أقطاب صناعة القرار في ظل الأزمة التي تعيشها غزة الفلسطينية حاليا، منسجمة بذلك مع تأكيداتها على محورية القضية الفلسطينية لها، ومؤكدة كذلك على ثقلها العربي والإسلامي.

واستنكرت المملكة الحرب التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على غزة والتي أوقعت أكثر من 11500 شهيد، كما أوقعت أضرارا فادحة بالبنية التحتية والمدنيين الفلسطينيين فيما يرقى إلى مستوى جرائم الحرب وفقا للقوانين الدولية.

ومع رفض قادة إسرائيل الحديث عن وقف لإطلاق النار ما لم يفرج عن الرهائن الذين احتجزتهم حماس، امتزج الغضب في السعودية والناجم عن العدد الكبير للشهداء الفلسطينيين مع مخاوف من أن الحرب قد تزعزع استقرار المنطقة على نطاق أوسع.

قمتان

في 09 نوفمبر الحالي استضافت المملكة القادة العرب والرئيس الإيراني في قمتين حول الحرب المستمرة منذ أكثر من شهر في غزة.

كما عقدت اجتماعات طارئة للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

ودعا البيان الختامي للقمة العربية الإسلامية التي أطلقت أعمالها في الرياض إلى كسر الحصار المفروض على غزة فورا وإدانة التدمير الإسرائيلي الهمجي لمستشفيات القطاع.

وطالبت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بـ«اتخاذ قرار فوري يدين تدمير إسرائيل الهمجي للمستشفيات في قطاع غزة». وجميع الدول بوقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى سلطات الاحتلال التي يستخدمها جيشها والمستوطنون الإرهابيون في قتل الشعب الفلسطيني.

ورفض «توصيف الحرب الانتقامية على غزة بأنها دفاع عن النفس أو تبريرها تحت أي ذريعة، مع إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية».

وحذرت الدول المشاركة في القمة، في البيان الختامي من التداعيات الكارثية للعدوان الانتقامي الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة، والذي يرتقي إلى جريمة حرب جماعية، وما ترتكبه خلاله من جرائم همجية أيضا في الضفة الغربية والقدس الشريف، ومن الخطر الحقيقي لتوسع الحرب نتيجة رفض إسرائيل وقف عدوانها وعجز مجلس الأمن الدولي تفعيل القانون الدولي لإنهائه».

وفي هذا الإطار، وافقت الدول المشاركة في القمة، على «بدء تحرك دولي فوري باسم جميع الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب على غزة، والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل وفق المرجعيات الدولية المعتمدة».

10 نوفمبر 2023

كما استضافت الرياض القمة السعودية - الإفريقية الأولى التي شددت على ضرورة وقف الحرب المستمرة في غزة منذ أكثر من شهر، وإيجاد حلٍ عادل وشامل ومنصف يلبي تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق، والتنديد بالانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولي الإنساني.

وأكد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال افتتاحه أعمال القمة، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حرص السعودية والدول الإفريقية على تعزيز التعاون، بما يسهم في إرساء الأمن والسلام في المنطقة والعالم أجمع. وأدان «ما يشهده قطاع غزة من اعتداء عسكري واستهداف المدنيين، واستمرار انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني»، مشيرًا إلى ضرورة وقف هذه الحرب والتهجير القسري، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتحقيق السلام.

وذكر «إعلان الرياض» الصادر في ختام أعمال القمة، أن المجتمعين ناقشوا تطورات الأوضاع في فلسطين، وأعربوا عن بالغ قلقهم حيال الكارثة الإنسانية في غزة، مشددين على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحماية المدنيين وفقًا للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والسماح بتمكين المنظمات الدولية الإنسانية للقيام بدورها في تقديم المساعدات إلى الشعب الفلسطيني.

اتصالات رفيعة

في إطار التحرك السعودي رفيع المستوى، أجرى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مباحثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبحثا المستجدّات الراهنة، وتطورات الأوضاع في قطاع غزة، وجهود وقف العدوان عليه وحماية المدنيين، وإدخال المساعدات بشكل عاجل.

كما التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وتناولا جهود وقف التصعيد العسكري في قطاع غزة، وأعربا عن القلق البالغ تجاه التدهور المتلاحق والخطير للأحداث، وشددا على ضرورة أن تتركز جميع الجهود الدولية والإقليمية في الوقت الراهن على وقف التصعيد والعنف، بهدف حماية المدنيين والحيلولة دون إزهاق مزيد من الأرواح وخروج الوضع الأمني عن السيطرة، مع الرفض القاطع لفكرة تهجير الفلسطينيين، التي من شأنها تصفية القضية الفلسطينية بالكامل.

إدانات متكررة

منذ بدء الحرب على غزة، تحركت الدبلوماسية السعودية على نحو نشط للغاية، وأصدرت الخارجية السعودية في 28 أكتوبر الماضي بيانا ذكرت فيه أن المملكة العربية السعودية تتابع بقلقٍ بالغ التصعيد الإسرائيلي العسكري في قطاع غزة جراء العمليات البرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في القطاع.

وشدد البيان أنه «إذ تدين المملكة وتشجب أي عمليات برية تقوم بها إسرائيل لما في ذلك من تهديد لحياة المدنيين الفلسطينيين وتعريضهم لمزيد من الأخطار والأوضاع غير الإنسانية، لتشير إلى أنها تحذر من خطورة الاستمرار في الإقدام على هذه الانتهاكات الصارخة وغير المبررة والمخالفة للقانون الدولي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق وما سيترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة والسلم والأمن الإقليمي والدولي.

وتدعو المجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياته للوقف الفوري لهذه العملية العسكرية وفقًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بتاريخ 27 أكتوبر 2023 وحقنًا لدماء الأبرياء، وحفاظًا على البنى التحتية والمصالح الحيوية واحترامًا للقانون الدولي الإنساني، ولتمكين المنظمات الإنسانية والإغاثية من إيصال المساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية للمدنيين في قطاع غزة دون عوائق».

وفي 05 نوفمبر الحالي أدانت السعودية بأشد العبارات التصريحات المتطرفة الصادرة من وزير في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بشأن إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة المحاصر، والتي تظهر تغلغل التطرف والوحشية لدى أعضاء في الحكومة الإسرائيلية.

وقالت وزارة الخارجية في بيان لها «إن عدم إقالة الوزير من الحكومة فورًا والاكتفاء بتجميد عضويته تعكس قمة الاستهتار بجميع المعايير والقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية والقانونية لدى الحكومة الإسرائيلية».

اجتماعات وزارية

في 18 أكتوبر الماضي عقد وزير الخارجية، الأمير فيصل بن فرحان، سلسلة من الاجتماعات على هامش الاجتماع الاستثنائي العاجل مفتوح العضوية للجنة التنفيذية لمنظمة التعاون الإسلامي، في مقرّ الأمانة العامة للمنظمة بجدة، تناول خلالها التصعيد العسكري في غزة ومحيطها. واجتمع مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، وبحثا التصعيد العسكري وتطورات الأوضاع المستمرة في غزة ومحيطها، والجهود الدولية المبذولة لنزع فتيل التوتّر، وسبل حماية المدنيين العزّل من العمليات العسكرية المتصاعدة خلال الفترة الماضية.

وأكد وزير الخارجية خلال اللقاء، بذل المملكة كل الجهود الممكنة بالتواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية كافة لوقف أعمال التصعيد الجاري.

كلمات واتصالات

في إطار الدبلوماسية السعودية النشطة كذلك قال وزير الخارجية في 24 أكتوبر الماضي، إن الشعب الفلسطيني يعاني تحت القصف والحصار والمجتمع الدولي صامت.

وحذر في كلمة بمجلس الأمن حول التطورات في غزة من كارثة وشيكة تنذر بعواقب وخيمة على المنطقة.

وذكر أن مجلس الأمن عاجز عن اتخاذ قرار يوقف الحرب في غزة، مؤكدًا أن السلام المستدام يكون بحل الدولتين.

وفي 28 منه أجرى وزير الخارجية اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية المصري سامح شكري، بحثا خلاله مستجدات الأوضاع في غزة، وسبل تكثيف العمل المشترك لوقف التصعيد العسكري وعمليات التهجير القسري لسكان غزة. وشددا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدوره لرفع الحصار عن غزة، وإلزام الاحتلال الإسرائيلي بالقانون الإنساني الدولي بما فيه السماح بوصول المواد الغذائية والإغاثية إلى غزة، والعمل على إيجاد حل سياسي عادل وشامل للقضية. كما أجرى وزير الخارجية اتصالًا هاتفيًا، بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن الدكتور أيمن الصفدي، وناقشا تطورات الأوضاع واستمرار تضرر المدنيين العُزَّل من تصاعد وتيرة العمليات العسكرية.

وفي 29 أكتوبر الماضي بحث وزير الخارحية تداعيات الأوضاع في غزة مع وزراء خارجية كل من إيران وفرنسا وسريلانكا وإسبانيا ومالطا وتايلاند وجنوب إفريقيا وبلجيكا، كلٌّ على حدة.

كما تلقّى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وأجرى اتصالًا مع نظيرته الفرنسية كاثرين كولونا، ثمّن خلاله تأييد فرنسا قرار «الأمم المتحدة» الذي يهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإقامة هدنة إنسانية عاجلة في قطاع غزة.

وثمّن وزير الخارجية تأييد سريلانكا قرار «الأمم المتحدة»، الذي يهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإقامة هدنة إنسانية عاجلة في قطاع غزة، وذلك خلال اتصاله مع وزير خارجية سريلانكا علي صبري.

كما أجرى وزير الخارجية كذلك اتصالًا هاتفيًا بوزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، شكره فيه على تأييد إسبانيا قرار «الأمم المتحدة»، لوقف فوري لإطلاق النار، وإقامة هدنة إنسانية عاجلة في قطاع غزة.

كما أجرى اتصالًا مماثلًا بوزير خارجية مالطا إيان بورغ، ثمن فيه تأييد مالطا القرار.

حضور دبلوماسي

في إطار مكانة المملكة ودورها المهم، تلقى وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان اتصالًا هاتفيًا، من وزير خارجية جمهورية التشيك يان ليبافسكي، بحثا فيه آخر المستجدات في قطاع غزة ومحيطها، وتطورات التصعيد العسكري بالمنطقة، وشدد على أهمية وقف إطلاق النار بشكل فوري، وتأمين الممرات الإنسانية لإدخال المساعدات الإغاثية العاجلة، وأن يضطلع المجتمع الدولي بمسؤوليته تجاه وقف اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي على المدنيين والمنشآت الصحية، وإيقاف عمليات التهجير القسري للفلسطينيين من قطاع غزة.

إغاثة

لم تكتف السعودية بالتحركات الدبلوماسية والرسمية، بل تحركت على المستويين الرسمي والشعبي كذلك، فاستمرت في إرسال الإغاثات للشعب الفلسطيني سواء عبر منصة رسمية للتبرعات يساهم فيها الشعب السعودي.

وجمعت الحملة الشعبية التي أطلقتها السعودية أكثر من 80 مليون ريال.

استطلاع حول آراء السعوديين حيال الحملة الشعبية لإغاثة الفلسطينيين في غزة

1297 من المواطنين شاركوا في الاستطلاع من مختلف مناطق المملكة

%64 من المشاركين ذكور %36إناث

%98 من العينة أشعرتهم الحملة بالفخر لتوفر القيم الإنسانية النبيلة لدى القيادة والسعوديين والمقيمين في المملكة

%88 من المشاركين رأوا أن الشفافية في إيصال التبرعات لمستحقيها تشكل دافعًا للتبرع عبر المنصات الرسمية.

%54 يدركون أن التبرع عبر منصة «ساهم» لا يتطلب إدخال البيانات الشخصية %75 على دراية بأنه يمكن التبرع باستخدام البيانات البنكية والخصم منها مباشرة