اكتشاف الخلايا الجذعية متعددة القدرات المستحثة أو ما يطلق عليها خلايا (iPS) كان بمثابة ثورة في مجال البيولوجيا والطب، حيث قام بتحدي تصورات طويلة الأمد حول الخلايا وقدرتها على التجدد والتحول والرجوع بالزمن للخلف!

تقليدياً، كان يُعتقد أن الخلايا البالغة لديها مصير محدد ولا يمكنها العودة إلى الخلف بالزمن الى حالة «شبه جنينية» أو متعددة القدرات، ولكن هذه الخلايا قد أظهرت أنه من الممكن «إعادة برمجة» الخلايا البالغة لتصبح خلايا جذعية متعددة القدرات، قادرة على التحول إلى أي نوع من أنواع الخلايا الأخرى.

هذا الاكتشاف يُعتبر كأنه «إعادة الزمن إلى الوراء» للخلايا لأنه يسمح للخلايا البالغة المتخصصة بالعودة إلى حالة أولية شبه جنينية حيث يمكنها أن تتطور مرة أخرى إلى أنواع مختلفة من الخلايا.

كمثال تأخذ خلايا من جلد الشخص البالغ ثم تعيد برمجتها وترجع فيها بالزمن إلى الخلف كأنها بعمر 5 أيام ومن ثم تعيد تخصيصها مرة أخرى وتحولها إلى خلايا كبد أو رئة أو أعصاب أو قلب (ما شئت) هذا يفتح الباب أمام إمكانيات جديدة في الطب التجديدي، حيث يمكن استخدام هذه الخلايا لإصلاح الأنسجة التالفة وعلاج الأمراض المختلفة وأيضا أصبح لديك مصدر لا ينضب من الخلايا الجذعية بعد أن كان وجودها قليل نسبيا، الآن يمكنك أن تحول الخلايا التي تريدها إلى خلايا جذعية!

تم إنتاج الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات لأول مرة في عام 2006 من خلايا فأر، وفي العام التالي من خلايا بشرية، وذلك بفضل جهود طاقم البروفيسور شينيا ياماناكا في جامعة كيوتو، اليابان. هذا الاكتشاف الرائد حصل على جائزة نوبل في الطب لعام 2012.

هذا الاكتشاف لا يزال يُلهم العلماء ويُحفز البحوث الجديدة في مجالات عديدة من العلوم الحياتية والطب.

تطبيقات الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPS) عديدة جدا ولا يمكن حصرها، فهي ممكن تدخل في أي مجال أو تخصص في الطب والصحة، وكأمثلة:

الطب التجديدي: تُستخدم الخلايا الجذعية المستحثة في نمذجة الأمراض وتطوير الأدوية، يمكن أخذ خلايا الشخص المريض أو المصاب، وعمل عدة نماذج للأمراض المصاب بها، ومن ثم دراسة كيفية حدوث وتطور المرض، ومن ثم تطوير أدوية أكثر دقة تناسب الأمراض.

وتعد هذه الخلايا بإمكانيات واسعة حيث يمكنها توليد خلايا سليمة لتحل محل الخلايا المتأثرة بالمرض، ويمكن استخدام الخلايا الجذعية المستحثة لإصلاح الأنسجة التالفة أو المتأثرة بالمرض، والأبحاث تجري بكثرة على حالات (إصابات الحبل الشوكي، داء السكري، مرض باركنسون، وأمراض القلب)، وأيضا استخدام الخلايا الجذعية في تحفيز الجلد على التجدد في حالات الحروق الخطيرة، وعلاج العيون خصوصاً القرنيات.

اختبار الأدوية الجديدة لمعرفة مدى سلامتها وفاعليتها، قبل استخدام الأدوية على الأشخاص: يمكن استخدام الخلايا الجذعية المستحثة لاختبار سلامة وفاعلية الأدوية الجديدة.

تعديل جينات الخلايا الجذعية: لتعديل الخلل الوراثي أو لجعلها مقاومة للأمراض، ثم إدخالها للأشخاص المصابين بالمرض.

علاجات السرطان: يتوقع للخلايا الجذعية المستحثة أن تلعب دورا كبيرا في علاجات السرطان خصوصا إنتاج الخلايا التائية، أو ما يسمى (كار-تي) وهي علاجات مناعية مفصلة تفصيلا على حسب سرطان المريض.

الأمثلة أكثر من أن نحصيها في مقال لاستخدامات الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات، لكن ما ذكرناه هو غيض من فيض. وهناك أيضا بعض الاستخدامات في أبحاث التجارب البشرية (إصابات الحبل الشوكي، التهاب شبكية العين، الباركنسون، بعض أنواع السرطان، وأيضا الغضاريف).

ومع تقدم الأبحاث، يُتوقع أن تلعب الخلايا الجذعية المستحثة دورًا محوريًا في علاج عديد من الأمراض المستعصية، ومع تطور التقنيات، سيتطور استخدامها في زراعة الأعضاء والعلاجات المتخصصة.

تطبيقات الخلايا الجذعية المستحثة متعددة القدرات (iPS) عديدة جدا ولا يمكن حصرها، فهي ممكن أن تدخل في أي مجال أو تخصص في الطب والصحة.