مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، يجد العالم نفسه أمام مرحلة جديدة من التوتر والترقب، حيث تعود المنافسة بين الصين وأمريكا إلى الواجهة. خلال ولايته الأولى، خاض ترمب مواجهة مفتوحة مع بكين، فرض عقوبات اقتصادية، وشن حربا تجارية، وضيق الخناق على شركات التكنولوجيا الصينية. لكن اليوم، المشهد تغير، والأسئلة تتزايد حول طبيعة العلاقة بين القوتين العظميين في السنوات المقبلة.

على المستوى الاقتصادي، كانت الحرب التجارية بين البلدين واحدة من أبرز سمات عهد ترمب الأول. فرض تعريفات جمركية بمليارات الدولارات، وقلص التعاون في عدة قطاعات، لكن الصين استطاعت امتصاص الضغوط وتعزيز اعتمادها على أسواق أخرى، بخاصة في آسيا والشرق الأوسط وأوروبا. ومع عودته، قد يحاول ترمب إعادة الضغط الاقتصادي، لكن تأثير ذلك لن يكون كما كان في السابق، لأن بكين عززت استقلالها الصناعي والتكنولوجي.

أما في مجال التكنولوجيا، فالمعركة مستمرة. واشنطن فرضت قيودا صارمة على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين، ومن المتوقع أن يواصل ترمب هذا النهج، وربما يتخذ إجراءات أشد ضد شركات مثل هواوي و«تيك توك». في المقابل، تعمل الصين على تطوير تقنياتها الخاصة وتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية، مما قد يغير موازين القوى في المستقبل القريب.


التوترات الجيوسياسية بدورها تبقى عاملاً أساسياً في العلاقة بين البلدين، خصوصاً في ما يتعلق بتايوان. إذا تبنى ترمب سياسة أكثر تشدداً تجاه تايبيه، فقد يؤدي ذلك إلى تصعيد عسكري غير مسبوق مع بكين. لكن في ظل التغيرات العالمية، فقد يكون هناك توجه لخفض حدة المواجهة من أجل الحفاظ على الاستقرار الدولي.

ورغم أن التنافس بين القوتين لن يتوقف، فإن الحاجة إلى التوازن قد تفرض نفسها. الاقتصاد العالمي لا يحتمل مزيداً من الصدمات، وكلا البلدين يدرك أن التصعيد المطلق قد تكون تكلفته باهظة. لذلك، قد نشهد مزيجاً من التصعيد التكتيكي والتفاوض الهادئ، حيث يحاول كل طرف تحقيق مكاسب دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

إذن، نحن أمام مرحلة جديدة من العلاقات الأمريكية - الصينية، حيث يتداخل الصراع مع الحاجة إلى التوازن. فهل سيخوض ترمب معركته الأخيرة ضد الصين أم إن الواقع الجديد سيجبره على تبني نهج أكثر براجماتية؟ الأيام المقبلة ستكشف الإجابة.