يحظى سوق الخضار في جدة بإقبال واسع من السعوديين والسعوديات الذين يتولون مهام البيع فيه، حتى بات بمثابة منصة تمكين لهم، تؤكد مقدرتهم على دخول هذا المجال بقوة، حيث يشاهدون بحضور طاغٍ يعملون على المباسط، ويتفاوضون مع الزبائن، ويقدمون الخدمات للعملاء، فيما انحسر حضور الباعة من المقيمين غير السعوديين إلى درجة الغياب التام.

ويقول عبدالخالق ثامر، وهو صاحب بسطة في سوق الخضار «على الرغم من أن النشاط التجاري في سوق الخضار كان لفترة طويلة محصورًا في أيدي العمالة الوافدة، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت تناميًا لدور السعوديين في هذا المجال، مدفوعين ببرامج التوطين (السعودة) التي شجعت الشباب السعودي على دخول قطاعات جديدة، من ضمنها البيع بالتجزئة في الأسواق».

وتابع «هناك عدد متزايد من السعوديين الذين باتوا اليوم يديرون محلاتهم الخاصة، أو يعملون في تنظيم السوق، أو الرقابة الصحية، كما أن مبادرات الدعم الحكومي مثل «رُوّاد» و«تمكين» ساعدت كثيرًا في تحفيز دخول الشباب في الأعمال الزراعية والتجارية المرتبطة بالغذاء».


وأكد أن سوق الخضار في جدة يمثل أكثر من مجرد مكان للبيع والشراء، وقال «إنه ساحة للتفاعل الاقتصادي والاجتماعي، والسعوديون لا يقتصر دورهم اليوم على الشراء فقط، بل أصبحوا فاعلين في منظومة السوق، مما يعكس تحوّلًا إيجابيًا نحو تعزيز ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال في المملكة».

تطور إيجابي

من جهته، يقول فايز المالك، وهو صاحب بسطة خضار إن «العمل في حلقة الخضار من المهن الحيوية، إذ تمثل هذه الحلقات نقطة الوصل بين المزارعين والمستهلكين. ومؤخرًا، بدأنا نرى إقبالًا متزايدًا من السعوديين على العمل في هذا القطاع، وهو ما يُعدّ تطورًا إيجابيًا يعكس تغير النظرة المجتمعية نحو بعض المهن، ويؤكد أهمية مشاركة أبناء الوطن في جميع مجالات التنمية الاقتصادية».

وأكد أن «من أبرز إيجابيات عمل السعوديين في حلقة الخضار الإسهام في الحد من البطالة، حيث يوفر هذا القطاع فرصًا وظيفية متعددة، سواء في البيع، أو النقل، أو التنظيم، ما يتيح لعدد من الشباب فرصًا لكسب الرزق وتحقيق الاستقلال المادي».

دعم الاقتصاد المحلي

بدوره، أوضح المستشار الاجتماعي عبدالرحمن فيصل أنه «عندما يعمل السعوديون في مثل هذه القطاعات، فإن الدخل يبقى داخل الوطن، ويُعاد تدويره في الاقتصاد المحلي. كما أن وجود المواطن يعزز من ثقة الزبائن في جودة التعامل والنزاهة في البيع، ويسهم في كسر الصورة النمطية عن السعوديين، ويسهم في تغيير الثقافة المجتمعية السائدة التي كانت تربط بعض المهن بالعمالة الوافدة فقط. وهذه الخطوة تعزز من قيمة العمل اليدوي، وتكرّس لمبدأ أن «لا عيب في العمل الشريف».

مسؤولية كبرى

تجزم أم عبدالله، وهي صاحبة بسطة في السوق أنها قررت العمل في سوق الخضار بعد الاستغناء عن العامل الذي كان يدير البسطة، وأوضحت «وجدت في هذا تعزيزا للانتماء والمسؤولية تجاه جودة المنتجات وخدمة العملاء. كما أن قربنا من المزارعين والموردين يسهم في تحسين سلاسل التوريد والرقابة على الأسعار».

وأضافت «اكتسبت مهارات جديدة من خلال العمل في السوق، من حيث تعزيز مهارة البيع، وإدارة الوقت، والتفاوض، وخدمة العملاء، وهي مهارات قابلة للتطور، وتفتح أمام العاملين أبوابًا نحو تأسيس مشاريعهم الخاصة مستقبلًا».

سلبيات تجاوزها السعوديون

يقول أبو عبدالعزيز، وهو مشرف على حلقة الخضار بجدة إن «طبيعة العمل شاقة، فالعمل في سوق الخضار يتطلب مجهودًا بدنيًا كبيرًا مثل التحميل والتنزيل، والعمل في ظروف مناخية صعبة (حرارة، رطوبة)، لكن كثيرًا من العاملين السعوديين في السوق تغلبوا على هذه التحديات، وتأقلموا مع ساعات العمل الطويلة».

وعن السلبيات التي تكتنف هذا العمل، قال «هي قلة الحوافز والضمانات، فبعض الوظائف في السوق لا تقدم تأمينًا صحيًا، أو تأمينات اجتماعية، كما أن الدخل ليس ثابتًا، وغالبًا ما يرتبط بالمواسم».

إيجابيات عمل السعوديين في سوق الخضار

ـ السوق ليس فقط مكانا للبيع بل للتفاعل الاقتصادي والاجتماعي.

ـ تغيير النظرة المجتمعية نحو بعض المهن.

ـ التأكيد على أهمية مشاركة المواطنين في جميع مجالات التنمية الاقتصادية.

ـ الإسهام في الحد من البطالة وتوفر فرص وظيفية متعددة.

ـ تدوير الدخل داخل الاقتصاد المحلي وعدم مغادرته إلى الخارج.

ـ تعزيز ثقة الزبائن في جودة التعامل والنزاهة في البيع.

ـ تحسين سلاسل التوريد نتيجة القرب من المزارعين.

ـ تعزيز مهارات البيع، وإدارة الوقت، والتفاوض، وخدمة العملاء.