الإنتاج الزراعي في نمو، لكن الفجوة الغذائية في اتساع، والتجارة الدولية في الغذاء باتت ضرورة حتمية لسد هذا الخلل.
تشير الأرقام إلى أن 22 % من السعرات الحرارية المستهلكة عالميًا بحلول عام 2034 ستكون "عابرة للحدود"، ما يعكس حجم الاعتماد العالمي المتزايد على التجارة لضمان الأمن الغذائي، في وقت تتنامى فيه الفجوة بين ما يُنتج وما يُستهلك، وبين الدول الغنية والفقيرة.
فجوة استهلاك مقلقة
بينت الدراسة أنه سيشهد الأفراد في الدول متوسطة الدخل ارتفاعًا بنسبة 6 % في استهلاك السعرات الحرارية من المصادر الحيوانية (اللحوم والألبان والأسماك)، نتيجة لتحسن مستويات المعيشة وتغير العادات الغذائية.
لكن في الجهة المقابلة، ستظل البلدان منخفضة الدخل عند مستويات حرجة، إذ من المتوقع أن يبلغ متوسط الاستهلاك اليومي للفرد من الأغذية المغذية 143 سعرة حرارية فقط بحلول عام 2034، وهو رقم بعيد عن الحد الأدنى الموصى به من منظمة الأغذية والزراعة والبالغ 300 سعرة حرارية، ما يعكس اتساع فجوة الجوع العالمية.
الدخل يقود الأغنياء
أظهر التقرير تفاوتاً كبيراً في دوافع نمو استهلاك الغذاء. ففي الدول متوسطة الدخل، يُعزى نصف النمو إلى تحسن دخل الأفراد، ما يتيح خيارات غذائية أكثر تنوعًا وجودة.
أما في الدول منخفضة الدخل، فثلاثة أرباع النمو يُعزى فقط إلى الزيادة السكانية، دون تحسن في القدرة الشرائية، مما يعمّق أزمة سوء التغذية.
إنتاج يرتفع وانبعاثات تتصاعد
من المتوقع أن ينمو الإنتاج الزراعي العالمي بنسبة 14 % خلال العقد القادم، مدفوعًا بتحسينات الإنتاجية. إلا أن هذا التوسع لن يكون نظيفًا بيئيًا، إذ تُظهر التقديرات أن الانبعاثات الزراعية المباشرة من غازات الاحتباس الحراري ستزداد بنسبة 6 %، خصوصًا من قطاعي الثروة الحيوانية والمحاصيل. وهو ما يسلط الضوء على التحدي الأكبر: إطعام العالم دون الإضرار بالكوكب.
سيناريو الأمل
رغم التحديات، لا يخلو التقرير من أمل. السيناريوهات المطروحة تشير إلى أن القضاء على نقص التغذية وخفض الانبعاثات بنسبة 7 % بحلول 2034 ممكنان، بشرط زيادة الإنتاجية الزراعية بنسبة 15 %، واعتماد تقنيات مستدامة.
وتشمل هذه الابتكارات الزراعة الدقيقة، إدارة المياه والمغذيات، تحسين الأعلاف، وتوسيع الممارسات الزراعية الذكية مثل تناوب المحاصيل والزراعة البينية.
الغذاء يعبر الحدود.. لسد فجوة الجوع
مع ازدياد التباعد الجغرافي بين مناطق الإنتاج ومناطق الاستهلاك، تتجه التجارة الدولية إلى لعب دور مركزي في موازنة العرض والطلب العالمي على الغذاء. وبحلول عام 2034، يُتوقع أن يتم تداول 22% من السعرات الحرارية المستهلكة عبر الحدود، مما يعزز الحاجة إلى أنظمة تجارة زراعية مرنة وعادلة قائمة على قواعد دولية، لضمان الأمن الغذائي والتغذوي، واستقرار الأسعار، وتقليص الفجوة بين الدول.
مزارعون تحت الضغط
في ظل التحسينات المستمرة في الإنتاجية، يتوقع أن تنخفض الأسعار الحقيقية للسلع الزراعية على المدى المتوسط. هذا الانخفاض يُترجم إلى ضغوط على دخل المزارعين، لا سيما صغارهم، الذين يعانون من محدودية الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل والأسواق. ويؤكد التقرير ضرورة تعزيز الكفاءة الزراعية، وتوفير بيئة داعمة لتقنيات حديثة، وتحسين إدارة المخاطر في الزراعة لضمان استدامة دخلهم ورفاههم.