فجأة، ودون مقدمات، صرخت الفتاة بصوت عالٍ سمعه كل من في المنزل: «أيها الوغد، أنت تتحرش بي!» خرج مسرعًا، فاغرًا فاه، غير مصدق لما جرى. اتجه لغرفته، انزوى تحت البطانية كقط تكوّر على نفسه. بقي على هذه الحال ساعاتٍ لم يتحرك خلالها. في الصباح، أخذت الزوجة أختها الزائرة إلى محطة القطار وأرسلتها من حيث أتت.
بعد أشهر، أدركت الزوجة أن شقيقتها هي الغادرة. اعتذرت لزوجها، فلم يُطِل الحديث معها، وأنهى المشكلة في حينها، وواصلا حياتهما مع أطفالهما الثلاثة.
أما تلك المرأة، فقد انفصلت عن زوجها بعد بضع سنوات بسبب خيانتين. الأولى استغفرت عنها وندمت أمام زوجها فسامحها، أما الأخرى فكانت أكبر من أن يتحملها، فتركها في البيت مع أطفالها وغادر كأنه عازب في العشرين!
هذه الحادثة تُعلّمنا أن طاقة الشر كامنة في الإنسان، وهي جزء من طباع كثير من البشر. بعض من حولك قد يؤذونك دون أن تعرف دوافع أو أسباب أذاهم. إنهم يؤذونك لمجرد الأذى، لأنهم يتغذون من خلالك على غرائز كامنة داخلهم. يبحثون عن أقرب شخص في دائرتهم قد يتقبل الأذى، ليس لأنه «مازوخي»، بل لأنه خُلِقَ بقلب كقلوب الملائكة. فيصطادونه، وتبدأ سلسلة لذتهم التي لا تشبع، تروى رويدًا رويدًا.
المشكلة أن هذه الغرائز ليست كغيرها من غرائز الإنسان التي تهدأ حين تُشبع، بل تزداد كلما أُطعمت، والضحية هي ذلك الإنسان الذي وُلد بقلب كقلوب الملائكة. هؤلاء لن يتركوه، بل سيدفعون الغالي والنفيس لإبقائه في دوائرهم، لأنه الفريسة التي ستغذيهم حتى يحين وقت رحيلهم.
علم النفس، يُطلق على هؤلاء الشخصيات «النرجسية والسايكوباتية». لا حل معهم، لا نقاش ولا حوار، فما دمتَ الأضعف في نظرهم، سيواصلون إيذاءك حتى لو كان ذلك يعني خسارتهم.
للحديث بقية في الأسبوع القادم..