كثير من المشكلات الوجدانية في حياة الإنسان، وتأثر قواه الداخلية، تنشأ من الإحساس بالنقص أو غياب الهدف الواضح والمشرق. فعندما تتوقف عقولنا عن الحلم ورسم الخطط والنجاحات، تتعطل سلالم أهدافنا عند عتبة معينة؛ فبعضنا يبقى عندها، والبعض الآخر يعود أدراجه.
مرحلة التقاعد من أصعب المراحل في حياة الإنسان، وفي كثير من المجتمعات يكون أثرها في الرجال أكبر من النساء. إذ يجد الشخص نفسه فجأة وقد امتلأ داخله بالفراغ، ويدخل في صراع لإثبات أنه لا يزال قادرًا على العطاء، ومحاربة الشعور بالعجز، بخاصة إذا كان يومًا ما من القيادات الفاعلة. وقد يختفي الحماس وتدفن الأهداف، خصوصًا لمن عمل تحت مظلة قطاع حكومي أو أهلي، لأن التقاعد في النهاية مجرد نظام وضعه البشر.
هذا الفراغ قد يزورنا في أي مرحلة من حياتنا، لكنه يظهر بوضوح بعد التقاعد، إذ كنا سابقًا نغطيه بالعمل وتحقيق الأهداف. والسبب في حدة هذه المشاعر هو أن الإنسان أوقف خططه عند المرحلة الرمادية، وعطل طاقاته بحجة أن العمر لا يسمح، بينما الحقيقة أن التقاعد انتقال من عطاء إلى عطاء أكبر، محمل بالخبرة والحكمة. والحل ببساطة هو إيجاد معنى جديد للحياة عبر عمل خاص أو نشاط منتج، صغيرًا كان أو كبيرًا.
أخيرًا، التقاعد ليس خسارة أو فشلًا، ولا يعني نهاية الإنجازات، بل هو بداية بوجه جديد ورؤية مبتكرة، تجعل المتقاعد جزءًا ذهبيًا ثمينًا من المجتمع.