مع انطلاق الأسبوع الممتد من 5 إلى 10 أكتوبر 2025، يدخل المستثمرون السعوديون في حالة ترقب حذر، حيث تتقاطع المؤشرات المحلية مع التطورات الاقتصادية العالمية لتشكّل مشهداً معقداً، لكنه مليء بالفرص والتحديات. هذا الأسبوع ليس كسابقيه، إذ يأتي في ظل بيئة عالمية مضطربة، بينما تواصل المملكة دفع عجلة التحول الاقتصادي ضمن رؤية السعودية 2030.

السعودية في قلب المشهد

البداية محلياً، حيث يصدر يوم الأحد 5 أكتوبر مؤشر مديري المشتريات المركب الخاص بالسعودية من S&P Global. هذا المؤشر، الذي يُعد مقياساً أساسياً لقوة النشاط غير النفطي، أصبح محل متابعة دقيقة من المستثمرين وصنّاع القرار على حد سواء. أي قراءة أعلى من مستوى 50 نقطة ستعني أن القطاع الخاص غير النفطي يواصل التوسع، وهو ما يعزز الثقة في متانة الاقتصاد السعودي، خاصة في ظل الزخم الاستثماري المتسارع في قطاعات السياحة، اللوجستيات، والتقنيات الحديثة.


لكن في المقابل، فإن أي تراجع محتمل عن هذا المستوى قد يثير المخاوف بشأن تباطؤ الطلب الخارجي، لا سيما مع تباطؤ التجارة العالمية، وهو ما سينعكس سريعاً على أسواق الأسهم السعودية وحركة السيولة.

أوروبا بين الصناعة والطاقة

على الجانب الأوروبي، تكتسب بيانات طلبيات المصانع والإنتاج الصناعي الألماني المنتظر صدورها يوم 7 أكتوبر أهمية بالغة، إذ تمثل ألمانيا القلب الصناعي للقارة. ضعف هذه المؤشرات قد يبعث إشارات سلبية لأسواق الطاقة والبتروكيماويات، وهي قطاعات تشكل عصباً مهماً للصادرات السعودية.

أما بريطانيا، فإن استمرار التراجع في مؤشرات العقار والإنشاءات قد يعكس ضعفاً في القوة الشرائية للمستهلك البريطاني، ما يضغط على الطلب على الواردات، بما فيها المنتجات البتروكيماوية والمعدنية القادمة من الخليج. النتيجة المتوقعة ستكون زيادة حذر المستثمر السعودي من التعرض المفرط لأسهم الشركات المصدّرة.

الصين واليابان

في آسيا، يغيب العملاق الصيني حتى منتصف الأسبوع بسبب العطلة الوطنية، لكن الأنظار ستتجه يوم 8 أكتوبر إلى بيانات احتياطيات النقد الأجنبي التي ستكشف عن قوة اليوان واستقرار التدفقات المالية. السعودية، باعتبارها أكبر شريك نفطي للصين، تراقب هذه المؤشرات بدقة، حيث إن أي اهتزاز في الاقتصاد الصيني سينعكس على أسعار النفط والطلب على الطاقة.

أما اليابان، فستكشف بيانات إنفاق الأسر والحساب الجاري عن مدى استقرار الطلب المحلي. زيادة الإنفاق تعني دعماً لواردات الطاقة، وهو ما يصب في مصلحة المملكة، بينما أي تراجع قد يفرض ضغوطاً إضافية على أسواق النفط.

أمريكا الشمالية

الملف الأكثر حساسية يبقى في أمريكا الشمالية. بيانات الميزان التجاري الأمريكي وثقة المستهلك الصادرة عن جامعة ميشيغان، إضافة إلى أرقام التوظيف الكندية يوم 10 أكتوبر، ستحدد بشكل كبير مسار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي.

أي مؤشرات توحي بارتفاع التضخم قد تدفع الفيدرالي للإبقاء على سياسة التشديد النقدي، وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع الدولار وتراجع شهية المخاطرة في الأسواق الناشئة، بما فيها السعودية. العكس صحيح: أي إشارات على تباطؤ النمو الأمريكي قد تمنح الأسواق السعودية فرصة لالتقاط الأنفاس بفضل توقعات تخفيف الفائدة.

نصائح إستراتيجية للمستثمر السعودي

في ظل هذا المشهد المعقد، يحتاج المستثمر المحلي إلى مزيج من الحذر والانتقائية:

- مراقبة مؤشر المشتريات السعودي كونه محدداً رئيسياً لثقة السوق في النمو غير النفطي.

- متابعة توقعات التضخم الأمريكية، حيث إن أي تغيّر في هذه التوقعات سينعكس مباشرة على أسعار النفط وحركة الريال المرتبط بالدولار.

- تنويع الاستثمارات بين القطاعات الدفاعية مثل الاتصالات والخدمات الصحية، والقطاعات الدورية مثل البتروكيماويات والطاقة. هذا التوزيع يساهم في تخفيف أثر تقلبات الأسواق.

- استغلال فترات التذبذب لبناء مراكز استثمارية طويلة الأجل، بدلاً من الانجرار وراء المضاربات قصيرة المدى.

الاقتصاد السعودي بين الداخل والخارج

الوضع الاقتصادي السعودي اليوم يتميز بمرونة نسبية مقارنة بالعديد من الاقتصادات الناشئة، بفضل قوة المالية العامة وارتفاع الإنفاق الاستثماري الحكومي. ومع ذلك، فإن حساسية المملكة لأسعار النفط تجعلها عرضة للتقلبات العالمية. ولهذا فإن هذا الأسبوع يمثل اختباراً مزدوجاً:

داخلياً، عبر قراءة مؤشرات النمو غير النفطي وقدرة القطاع الخاص على مواصلة التوسع.

خارجياً، عبر تفاعل الأسواق مع بيانات الصناعة الأوروبية وتوقعات التضخم الأمريكية، التي قد تحدد اتجاه رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة أو انسحابها منها.

أهم الأحداث والمؤشرات:

5 أكتوبر مؤشر المشتريات السعودي.

7 أكتوبر طلبيات المصانع الألمانية و الميزان التجاري الأمريكي.

8 أكتوبر احتياطيات النقد الأجنبي الصيني وقرار فائدة نيوزيلندا.

10 أكتوبر بيانات التوظيف الكندية وثقة المستهلك الأمريكية.

نصائح أسبوعية:

مراقبة مؤشر المشتريات السعودي.

متابعة توقعات التضخم الأمريكية.

توزيع الاستثمارات بين قطاعات دفاعية ودورية.

استغلال التذبذبات لبناء مراكز طويلة الأجل.