كشفت وكالة الطاقة الدولية (IEA) في تقريرها «النفط 2025» عن تحول جذري في معادلة الطاقة العالمية، تقوده السيارات الكهربائية التي لم تعد مجرد خيار بيئي محدود الأثر، بل أصبحت قوة اقتصادية عالمية تهدد هيمنة النفط على قطاع النقل.

ووفقاً للتقرير، فإن الانتشار المتسارع للمركبات الكهربائية سيؤدي بحلول عام 2030 إلى إزاحة 5.4 ملايين برميل يومياً من الطلب العالمي على النفط الخام، ليدخل العالم مرحلة «هضبة الطلب» عند 105.5 ملايين برميل يومياً بنهاية العقد.

نمو المبيعات


تواصل مبيعات السيارات الكهربائية نموها القوي، إذ تجاوزت 17 مليون مركبة في عام 2024، ومن المتوقع أن تتخطى 20 مليون مركبة في عام 2025، وفق توقعات المركبات الكهربائية العالمية 2025 الصادرة عن الوكالة.

وتشير الأرقام إلى أن السيارات الكهربائية ستستحوذ على نحو ربع مبيعات السيارات الجديدة خلال العام المقبل، ما يعكس نهاية مرحلة التبني المبكر ودخول مرحلة الانتشار الواسع التي ستعيد رسم ملامح صناعة النقل والطاقة.

الوقود الأحفوري

يُظهر التقرير أن التأثير الأكبر للسيارات الكهربائية يتمثل في خفض الطلب على الوقود الأحفوري في النقل البري، إذ ستتم إزاحة 5.4 ملايين برميل نفط يومياً بحلول عام 2030، أي ما يعادل تقريباً الاستهلاك الكامل لدول صناعية مثل ألمانيا أو كوريا الجنوبية.

وتتزامن هذه الإزاحة مع توسع استخدام الشاحنات العاملة بالغاز الطبيعي المسال (LNG) والسكك الحديدية عالية السرعة، خصوصاً في الصين، التي كانت لعقد من الزمن المحرك الرئيس لنمو الطلب العالمي على النفط.

الاتجاهات الإقليمية

يرصد التقرير تبايناً واضحاً في وتيرة التحول الطاقي بين الدول؛ ففي الصين، يقترب الطلب على النفط من ذروته خلال هذا العقد بفضل التحول السريع نحو الطاقة النظيفة.

أما في الولايات المتحدة، فقد أدت أسعار البنزين المنخفضة وتراجع زخم السيارات الكهربائية إلى زيادة توقعات الطلب الأمريكي بمقدار 1.1 مليون برميل يومياً بحلول عام 2030 مقارنة بتقديرات العام الماضي. ويؤكد هذا التباين أن السياسات الوطنية والأسواق المحلية ما زالت تلعب دوراً محورياً في تحديد سرعة التحول الطاقي.

تحول الطاقة السعودي

تتجه المملكة العربية السعودية نحو خفض ملحوظ في الطلب المحلي على النفط حتى عام 2030، بفضل استبدال حرق النفط بالغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء.

ويُعد هذا التحول من أبرز الإصلاحات الهيكلية في قطاع الطاقة العالمي، حيث يسهم في تعزيز كفاءة الاستهلاك وتقليص الانبعاثات، ويؤكد أن هيمنة النفط التاريخية على مزيج الطاقة تتراجع تدريجياً.

استباق المتغيرات

تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يستقر الطلب العالمي على النفط عند 105.5 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2030، لتبدأ مرحلة جديدة من الاستقرار النسبي بعد عقود من النمو المتواصل.

وترى الوكالة أن تلاقي التحولات في النقل والطاقة والصناعة سيعيد صياغة مستقبل النفط، ويدفع الدول المنتجة إلى تسريع تنويع اقتصاداتها واستباق المتغيرات في السوق العالمية.