في إنجاز وطني يعكس الطموح السعودي والالتزام بالمعايير الدولية، حصلت محافظة العارضة بمنطقة جازان على شهادة اعتماد من منظمة الصحة العالمية كمدينة صحية، بعد استيفائها 80 معيارًا عالميًا بامتياز، لتُضاف إلى قائمة 16 مدينة صحية في المملكة.

هذا الاعتماد لا يمثل مجرد شهادة شرفية، بل تجسيدًا لرؤية السعودية 2030 في بناء مجتمع حيوي وبيئة مستدامة، من خلال تكامل مؤسسي وجهود محلية واعية جعلت من العارضة نموذجًا للعيش الصحي والرفاهية المستدامة.

تكامل وطني


من جانبه، أكد وزير الصحة فهد الجلاجل أن هذا الإنجاز يجسد روح رؤية 2030، التي تركز على التكامل بين القطاعات لبناء مجتمع حيوي وبيئة مزدهرة.

وأشار إلى أن اعتماد منظمة الصحة العالمية لمحافظة العارضة يعكس التزام المملكة بتطبيق أعلى المعايير العالمية لتعزيز الصحة العامة وتحسين جودة الحياة في مدنها، مؤكّدًا أن هذا النجاح ثمرة تعاون شامل بين الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المحلي.

إنجازات العارضة

شهدت العارضة خلال العامين الماضيين تحولات نوعية، إذ ارتفع مستوى النشاط البدني للسكان بنسبة 25% بفضل الحملات المجتمعية، كما انخفضت معدلات التلوث الحضري بنسبة 15% نتيجة تحسين البيئة الحضرية.

هذه النتائج تعكس نجاح سياسات «الصحة في كل السياسات» التي تبنتها المحافظة، ما جعلها نموذجًا متكاملًا لمدن تتنفس العافية.

شهادة عالمية

تسلّم أمير منطقة جازان الأمير محمد بن عبدالعزيز، من وزير الصحة شهادة اعتماد العارضة كمدينة صحية، مقدّمًا شكره لجميع الجهات التي تكاتفت لتحقيق هذا المنجز الوطني، الذي يؤكد أن الصحة والتنمية وجهان لمستقبل واحد. وأشار سموه إلى أن هذا الاعتماد يشكل حافزًا لبقية محافظات المنطقة للسير على خطى العارضة نحو تحقيق التنمية المستدامة وجودة الحياة.

جهود تنفيذية

منذ انضمامها إلى برنامج المدن الصحية عام 2021، شكّلت العارضة 12 لجنة تنفيذية برئاسة المحافظ، تضم ممثلين من الجهات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني.

عملت اللجان على تطبيق معايير منظمة الصحة العالمية التي شملت جودة المياه، سلامة الغذاء، مكافحة التلوث، التثقيف الصحي، والتعاون المجتمعي، في منظومة عمل متكاملة تقوم على التخطيط، المشاركة، والرقابة المستمرة.

واستثمرت المحافظة في بناء بيئة حضرية صحية من خلال إنشاء حدائق خضراء ومسارات مشي آمنة، وتحسين شبكات المياه والصرف الصحي، وإزالة التشوهات البصرية في 32 موقعًا.

وتخدم هذه المشاريع أكثر من 79 ألف نسمة يعيشون اليوم في بيئة أكثر أمانًا واستدامة.

دراسات ومؤشرات

أجرت العارضة 15 دراسة مسحية شملت مؤشرات الأمراض المزمنة، النظافة البيئية، جودة الهواء، التغذية المدرسية، ورضا السكان، ما أسهم في تحقيق 80% من معايير منظمة الصحة العالمية.

هذه الدراسات دعمت عمليات التخطيط الاستراتيجي وأسست لثقافة التحسين المستمر في الخدمات الصحية والمجتمعية.

وأطلقت المحافظة 110 مبادرات توعوية استهدفت جميع فئات المجتمع، بمشاركة نحو 700 متطوع، عبر المدارس، الأسواق، المساجد، والحدائق.

ركزت المبادرات على الفحص المبكر، التغذية السليمة، ومكافحة التدخين، ما أسهم في رفع الوعي الصحي وترسيخ سلوكيات إيجابية مستدامة.

دعم وزاري

لعب فرع وزارة الصحة بجازان دورًا محوريًا في هذا التحول من خلال تدريب 100 كادر صحي في ورش عمل متخصصة، وتقديم الدعم الفني والتوعوي، والتنسيق المستمر مع لجنة المدن الصحية بوزارة الصحة لضمان جودة التطبيق واستدامة النتائج.

ويُعد برنامج المدن الصحية بوزارة الصحة أول مركز إقليمي متعاون مع منظمة الصحة العالمية في هذا المجال، والرابع على مستوى العالم.

وتضم المملكة حاليًا 16 مدينة صحية، ما يجعلها الأكثر اعتمادًا في الإقليم.

ويهدف البرنامج إلى تحسين جودة الحياة، تقليل الأمراض المزمنة، خفض المخاطر الصحية، وتقليص التكاليف الطبية، بما يعزز مكانة المملكة كنموذج إقليمي في بناء مدن صحية.

مستقبل صحي

لا يقتصر هذا الاعتماد على إنجاز آني، بل يمثل بداية مرحلة جديدة من التقييم والتطوير المستدام. وتسعى العارضة لنقل تجربتها إلى محافظات أخرى مثل فرسان، هروب، صامطة، وأبو عريش، في حين تعمل جزر فرسان على تجديد اعتمادها كأول جزيرة صحية في الشرق الأوسط. بهذه الجهود، تواصل المملكة مسيرتها نحو مدن نابضة بالصحة والحياة والرفاهية.