راجح ناصر البيشي

لا أظن أحدا من السعوديين أو الفلسطينيين يمكن أن ينسى ما عُرف ذلك الوقت في المدارس السعودية بالريال الفلسطيني، وهو عبارة عن سندات مفردها «سند»، حيث كل ورقة من هذه السندات مكتوب عليها «ريال فلسطين»، وكي يحصل الطالب على هذا السند فإنه يتوجب عليه دفع ريال واحد لكل سند، وكانت هذه الأبواك من السندات توزع على جميع مدارس المملكة.

وكنا كطلاب مدارس حين ذاك نتسابق بالتبرع بمصروفنا اليومي الذي قد لا يزيد على ريال، رغم حاجتنا الماسة له، لصالح إخواننا في فلسطين لنصرتهم على العدو الصهيوني «اليهود» هكذا كان يخبرنا أهلنا بذلك، وكان حينها الكثير من طلاب المدارس لا يفطرون «وجبة الفسحة» لتبرعهم بمصروفهم اليومي مقابل ورقة صغيرة مكتوب عليها «ريال فلسطين».

حينها كان أولياء الأمور يحفزون أطفالهم على التبرع، وكذلك المعلمون وإدارات المدارس والتعليم كاملاً، بل الدولة كلها على قدم وساق لإنجاح هذه الحملة المباركة، وقد نجحت بالفعل ووصلت التبرعات حينها لفلسطين، والحمد لله.

مرت السنون وكبرنا وكبر معنا حب فلسطين والقدس والمسجد الأقصى، حتى أصبحنا بعد أن كبرنا نحفظ أطفالنا أنشودة «فلسطين بلادنا بلادنا.. واليهود كلابنا كلابنا»، صحيح ذلك «كلام» لكن له معنى وأبعاد يعرفها كل لبيب، وهي أيضاً رد على ما يلقنه اليهود لأبنائهم من حقد وكراهية ضد الفلسطينيين خاصة، والمسلمين عامة. أيضاً كبرنا وبعد أن كبرنا قرأنا وتعلمنا واطلعنا وتقصينا فلم نجد بلادنا تتأخر في تقديم يد العون والمساعدة لفلسطين وأهلها بالصوت السياسي والدبلوماسي والكلمة الصادقة والمال، بلا منة ولا أذى، والصدق بلا نفاق، وإعادة الإعمار والدعم المطلق لفلسطين وأهلها وقضيتهم العادلة بلا حدود، وغير ذلك الكثير.

حتى إنه في إحصائية موثقة كشفت منصة المساعدات السعودية، أن المبلغ الإجمالي للمساعدات التي قدمتها المملكة العربية السعودية لدعم فلسطين بلغ 7.728.870.495 ريالاً، شملت 219 مشروعاً، وذلك طوال 22 عاما، منذ 1997 وحتى عام 2020 الحالي. ومازلنا نترحم على شهدائنا من السعوديين الذين شاركوا وقضوا شهداء دفاعاً عن فلسطين، والأقصى الشريف في حرب فلسطين عام 1948م، والذين ذكر منهم بالاسم 155 رجلاً، رحمهم الله جميعاً.

ثم بعد ذلك نجد من بعض الفلسطينين، ومنهم بعض المسؤولين المحسوبين على بعض الحركات الفلسطينية الجحود والنكران والسباب لبلادنا وقادتنا والشعب السعودي، واتهام بلادنا زوراً وبهتاناً ببيع الأقصى والتطبيع مع إسرائيل، في الوقت الذي يمّجدون ويمدحون ويشكرون من هم الأعداء الحقيقيين لأهل السنة والحق والعدالة، والتي أفعالهم المشينة، لا سيما لبلاد الحرمين وأهلها، لا تخفى على أحد، ودعمهم الوقح للإرهاب وأهله عياناً بياناً.

أخيراً نقول ونردد ما قاله حكامنا منذُ عهد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، مروراً بقادتنا وملوكنا المتعاقبين، رحمهم الله، حتى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، حفظه الله، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، وفقه الله.

فلسطين قضيتنا وقضية المسلمين الأولى.. ولن نتأخر عن نصرة القدس والأقصى، وهذا واجب يحتمه ديننا وعقيدتنا وأخلاقنا.