«الجوع» حالة ربما يصعب تعريفها، تبدأ بشعور غير مؤلم، مجرد احتياج للطعام، يدركه الإنسان حينما يشعر بقرقعة في أمعائه. الحاجة للغذاء غريزة تتشاركها كل المخلوقات، عادة ما يشعر الإنسان بالجوع في أوقات معينة، ويختلف الإحساس بالجوع من شخص لآخر، فيزداد كلما زاد نشاط الشخص وصغر سنه، ويقل كلما كبر وقلت حركته: كذلك يختلف حسب فصول السنة، يزداد في الشتاء لزيادة الطاقة التي يبذلها الجسم للتدفئة ويقل في الصيف.
قد يجوع الإنسان ويتشاغل عن جوعه، فينسى، لكن فجأة قد يشعر بالدوار، لهبوط مستوى السكر في الدم، فيهرع للأكل ليعود لوضعه الطبيعي، ولو افترضنا أنه لا يمتلك الطعام ليعود لكامل وعيه! يُصاب بنقص شديد في التغذية فيقتات الجسد على نفسه حتى ينهار وتفشل الأعضاء في أداء وظائفها، في كل مرة تؤثر الأعضاء عليها، فتتضرر في سبيل بقاء القلب نابضًا. فالإنسان لا يعيش دون دقات قلبه ودورته الدموية، فإذا هبطت الدورة الدموية وتوقف القلب أُعلن موت الإنسان. الجوع يقتل، فهو ليس مجرد إحساس، بل وحش ينخر جسد الإنسان حتى الموت، ليقف الإنسان شاهدا على موته، منذ دب الجوع في جسده وتآكل أعضائه الواحد تلو الآخر. لسكرات الجوع آلام لا تطاق تشبه التهام الإنسان وهو في كامل وعيه حتى يسمع صوت قرمشة عظامه، وربما يسمع زفرات موت عائلته تباعًا، فالجوع إذا دخل بيتًا، قضى على أصحابه.
التاريخ البشري شهد كثيرًا من المجاعات على مدار التاريخ، وغالبًا ما يجتمع الجوع مع الحرب، فالحروب والنزاعات تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتشريد السكان، وتعطيل الإنتاج الزراعي، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية، ما يفاقم من خطر المجاعة. المشكلة أن المجاعات لا يحددها وقت ولا مدة، تمتد حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا. ضربت أوروبا، الهند، الصين، وإفريقيا، من قبل وخلفت الكثير من الضحايا، ففي المجاعة التي ضربت الهند تقلص عدد الهنود من خمسين مليونًا، في القرن الخامس قبل الميلاد إلى الربع بعد قرن واحد في عهد حروب الإسكندر. وفي القرن السابع عشر، ضربت المجاعة بلاد البنغال واغتالت 10 ملايين بنغالي أي ما يعادل ثلث عدد السكان عام 1770، نتيجة ارتفاع الضرائب على المزارعين.
عام 1915 كانت مجاعة الشام أثناء الحرب العالمية الأولى وحصدت أرواح ما بين 60-80 ألف نسمة، وكان 1944 هو عام الجوع في المغرب إبان الاستعمار الفرنسي وقتل نحو 50 ألف إنسان، كذلك في الصين فقد لقي ملايين من الصينيين حتفهم جوعًا ما بين عامي 1959-1961 لخفض مساحات زراعة الحبوب، أثناء هذه المجاعة اتجه الصينيون لأكل الكلاب، القطط، الجرذان والثعابين، بل أكل البشر بعضهم، وأكل الآباء أطفالهم. فعند الجوع لا يوجد طعام سيئ، وكل طعام مباح، ورغم انتهاء المجاعة إلا أن البعض بقي يستهلك لحوم الكلاب والقطط والخفافيش وكأنه جزء من ثقافتهم، بينما هو شيء أجبرهم عليه الجوع، ولكن يبدو أنهم اعتادوا عليه فألفته نفوسهم.
حاليًا يعيش قطاع غزة واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث تُودي المجاعة بحياة الكثيرين وتُؤثر في الملايين، مع انعدام الأمن الغذائي، والقيود الشديدة على وصول الغذاء والدواء والمياه النظيفة للمتضررين.
أكثر الضحايا من الأطفال الذين يموتون أمام أهاليهم مع قلة حيلة الأطباء، فلا شيء أشد قهرًا من أن ترى طفلًا يغتاله الجوع وتعجز إمكانياتك عن إنقاذه. ما أقبح الجوع وما أبشع الحروب.
قد يجوع الإنسان ويتشاغل عن جوعه، فينسى، لكن فجأة قد يشعر بالدوار، لهبوط مستوى السكر في الدم، فيهرع للأكل ليعود لوضعه الطبيعي، ولو افترضنا أنه لا يمتلك الطعام ليعود لكامل وعيه! يُصاب بنقص شديد في التغذية فيقتات الجسد على نفسه حتى ينهار وتفشل الأعضاء في أداء وظائفها، في كل مرة تؤثر الأعضاء عليها، فتتضرر في سبيل بقاء القلب نابضًا. فالإنسان لا يعيش دون دقات قلبه ودورته الدموية، فإذا هبطت الدورة الدموية وتوقف القلب أُعلن موت الإنسان. الجوع يقتل، فهو ليس مجرد إحساس، بل وحش ينخر جسد الإنسان حتى الموت، ليقف الإنسان شاهدا على موته، منذ دب الجوع في جسده وتآكل أعضائه الواحد تلو الآخر. لسكرات الجوع آلام لا تطاق تشبه التهام الإنسان وهو في كامل وعيه حتى يسمع صوت قرمشة عظامه، وربما يسمع زفرات موت عائلته تباعًا، فالجوع إذا دخل بيتًا، قضى على أصحابه.
التاريخ البشري شهد كثيرًا من المجاعات على مدار التاريخ، وغالبًا ما يجتمع الجوع مع الحرب، فالحروب والنزاعات تؤدي إلى تدمير البنية التحتية، وتشريد السكان، وتعطيل الإنتاج الزراعي، وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية، ما يفاقم من خطر المجاعة. المشكلة أن المجاعات لا يحددها وقت ولا مدة، تمتد حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا. ضربت أوروبا، الهند، الصين، وإفريقيا، من قبل وخلفت الكثير من الضحايا، ففي المجاعة التي ضربت الهند تقلص عدد الهنود من خمسين مليونًا، في القرن الخامس قبل الميلاد إلى الربع بعد قرن واحد في عهد حروب الإسكندر. وفي القرن السابع عشر، ضربت المجاعة بلاد البنغال واغتالت 10 ملايين بنغالي أي ما يعادل ثلث عدد السكان عام 1770، نتيجة ارتفاع الضرائب على المزارعين.
عام 1915 كانت مجاعة الشام أثناء الحرب العالمية الأولى وحصدت أرواح ما بين 60-80 ألف نسمة، وكان 1944 هو عام الجوع في المغرب إبان الاستعمار الفرنسي وقتل نحو 50 ألف إنسان، كذلك في الصين فقد لقي ملايين من الصينيين حتفهم جوعًا ما بين عامي 1959-1961 لخفض مساحات زراعة الحبوب، أثناء هذه المجاعة اتجه الصينيون لأكل الكلاب، القطط، الجرذان والثعابين، بل أكل البشر بعضهم، وأكل الآباء أطفالهم. فعند الجوع لا يوجد طعام سيئ، وكل طعام مباح، ورغم انتهاء المجاعة إلا أن البعض بقي يستهلك لحوم الكلاب والقطط والخفافيش وكأنه جزء من ثقافتهم، بينما هو شيء أجبرهم عليه الجوع، ولكن يبدو أنهم اعتادوا عليه فألفته نفوسهم.
حاليًا يعيش قطاع غزة واحدة من أشد الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث تُودي المجاعة بحياة الكثيرين وتُؤثر في الملايين، مع انعدام الأمن الغذائي، والقيود الشديدة على وصول الغذاء والدواء والمياه النظيفة للمتضررين.
أكثر الضحايا من الأطفال الذين يموتون أمام أهاليهم مع قلة حيلة الأطباء، فلا شيء أشد قهرًا من أن ترى طفلًا يغتاله الجوع وتعجز إمكانياتك عن إنقاذه. ما أقبح الجوع وما أبشع الحروب.